فرصة للعمل من المنزل - شركة تطلب مسوقين من المنزل - بدون مقابلة شخصية - فقط سجل وسيصلك التفاصيل كاملة

ربات منزل - عاطل - حديث تخرج - طالب في كلية - بل وطالب في مدرسة - متقاعد - ضباط جيش أو شرطه - موظف فعلي بأي شركة أخرى

بشرط أن لا تقوم بالتسويق وأنت في مقر عملك لأن وقتك وقوانين عملك لاتسمح لك بأن تقوم بالعمل لشركة أخرى بوقت عملك - إلا بموافقة مديرينك وشركتك

سجل بياناتك من خلال الرابط التالي وسيصلك إيميل التأكيد في خلال دقائق وتكون موزع مع الشركة

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

إبراهيم عبد المجيد يكتب: الإسكندرية التى صارت سوداء.. المدينة التى استوعبت الدنيا كلها تضيق الآن بأهلها من الأقباط بعد أن هبّ عليها هواء التخلف والسلفي


إبراهيم عبد المجيد

نقلا عن العدد الأسبوعى..

منذ عدة أعوام حين قام شخص بالاعتداء على الأقباط أمام ثلاث كنائس بالإسكندرية كانت آخرها كنيسة القديسين بشارع خليل حمادة الذى وقعت فيه الكارثة الأخيرة، طلبت منى إحدى الصحف كتابة مقال عما جرى للإسكندرية، وكتبت مقالاً كبيراً بعنوان «الإسكندرية التى كانت بيضاء»، تحدثت فيه عن تاريخ الإسكندرية حين كانت عاصمة العالم الفكرية حتى إن عصراً كاملاً فى تاريخ الدنيا سمى بالعصر السكندرى، وهو القرون الثلاثة للحكم البطلمى وثلاثة قرون أو أربعة من الحكم الرومانى. أى منذ بناء الإسكندرية تقريباً عام331 ق. م حتى نهاية القرن الرابع الميلادى. واليوم طلبت منى «اليوم السابع» أن أكتب فى الموضوع نفسه تقريبا. الموضوع الأول كان شبه مرثية للمدينة التى لم يعد لها من صفاتها العالمية أى شىء. وها أنا أعيد رثاء المدينة مرة أخرى ولكنى هنا سأتوقف أولاً عند ثلاثة قرون ميلادية فى تاريخ الإسكندرية. وهى القرون التى سبقت الاعتراف بالمسيحية فى القرن الرابع الميلادى. فى هذه القرون كانت الإسكندرية هى ملاذ المسيحيين الفارين من حكم الرومان فى فلسطين ومن الاضطهاد الرومانى الذى انتقل من هناك إلى الإسكندرية وأهلها الذين كانوا قد اعتنقوا الديانة المسيحية. فر منهم كثيرون إلى الصحراء الغربية والشرقية وعاشوا فى الجبال والمغارات وانقطعوا عن لذات الدنيا فصاروا رهبانا، ومن مصر خرجت الرهبنة إلى العالم وصارت علامة على رجال الدين المسيحيين.

حقائق تاريخية
هذه يا أيها القارئ الكريم حقائق تاريخية، فهذه المدينة هى أعظم مدينة احتضنت المسيحية والمسيحيين فى التاريخ إذ دخل أهلها فى الديانة الجديدة. وقاوموا أشر حكام روما، دقلديانوس,الذى وقف على أسوارها ثلاثة أشهر لا يستطيع دخولها حتى إذا دخلها أقام المذابح الكبرى التى دشنت عصر الاستشهاد. لقد ارتقى دقلديانوس عرش روما عام 284 ميلادية وبه بدأ التقويم القبطى كاحتجاج على مذابحه. ولم يكن التقويم القبطى تقويما أوروبيا. جريجوريا، ولكنه كان تقويما مصريا فشهور السنة هى شهور مصرية قديمة، كثير منها لها دلالاته وكثير منها يحمل أسماء آلهة مصر القديمة إن لم تكن كلها.

وهكذا كان فى التقويم تمسك بالروح المصرية رغم أنه بعد ذلك اعترفت روما بالمسيحية، لكن ظل التقويم القبطى مصرياً صميماً. هذه مقدمة هامة لنعرف أن المسيحية لم تدخل مصر غصباً ولا حرباً. وأن الإسكندرية مدينة العالم فتحت للديانة القديمة أبوابها وتمسكت بها فى وجه روما ودفعت ثمن ذلك آلاف الشهداء المصريين، وظلت الروح العالمية تسكن المدينة. إن لم يكن بوضوح ففى روح سكانها. لذلك حين جرى ماجرى وانحطت الإسكندرية، ومصر كلها فى الحقيقة، لتتابع الحكام الأغراب عليها، وتعدد الممالك التى ربما كان لها منجزها الحضارى وهو ما نراه الآن فيما بقى من آثار إسلامية وعثمانية ومملوكية إلا أنه فى النهاية تدهورت أحوال المصريين جميعاً، حتى إذا جاء نابليون بونابرت إلى مصر لم يكن عدد سكانها يزيد على المليونين، وعدد سكان الإسكندرية ثمانية آلاف نسمة فقراء تعساء فى أغلبهم، حدث ذلك الانحطاط بفعل ظلم الحكام والكوارث الطبيعية والاوبئة وما شئت من بلاوي، حيث شهدت العصور الإسلامية وخاصة العصر العثمانى والمملوكى تفرقة كبيرة بين أهل الأديان، بل ظلما للمسلمين أيضاً. وما إن تولى محمد على حكم البلاد وأصدر مرسومه بحرية العبادات وشق ترعة المحمودية عام 1828 ووصل الإسكندرية بالنيل، حتى عادت الحياة للميناء وللمدينة وقدم إليها الناس من كل الدنيا، وعادت المدينة لروحها الكوزموبوليتى. العالمى والإنسانى. وعاش فيها اليونانيون والإيطاليون والأرمن الهاربون من المذابح التركية، واليهود المصريون والهاربون من مذابح أوروبا والشوام والمغاربة الباقون من العصر الفاطمى وغيرهم، وارتفع عدد سكانها فتجاوز المائة ألف مع بداية القرن العشرين ووصل إلى نصف المليون فى خمسينيات القرن الماضى.

تاريخ من التسامح
منذ عصر محمد على ارتفع شأن المدينة الاقتصادى وبلغ ذروته فى النصف الاول من القرن العشرين وكانت بورصة الإسكندرية لها دورها فى اقتصاديات العالم. وبعد محمد على وفى عصور أبنائه شيدت الميادين. ميدان المنشية. الذى حمل اسم محمد على ثم اسم ميدان القناصل. وأقيمت الحدائق على النظام الفرنسى وأقيمت العمارات على النظام الأوروبى وازدهرت فيها الكنائس والجوامع والمعابد اليهودية وتاريخ طويل من التسامح بين الأديان والأجناس، ورغم أن الاستعمار البريطانى دخل البلاد إلا أنه لم يستطع أبداً أن يغير فى هذه السمة السكندرية.ارتفع شأن كنيسة الإسكندرية من زمان وأصبحت أم الكنائس الأرثوذكسية فى العالم، وعاد إليها هذا الدور بوضوح منذ عصر محمد على ولم يشكل ذلك أى مشكلة لاهل الإسكندرية لسبب بسيط جداً هو أن الاصل كان المواطنة. أى المصرية وليس الدين، فكلهم مصريون بحكم الاصل أو بحكم التفاعل التاريخى. فأعراب الجزيرة العربية الذين وفدوا على مصر بعد الفتح الإسلامى صاروا مصريين وكذلك كان الأمر مع المماليك والاتراك، وكل الجاليات التى وفدت إلى مصر ولم تشكل الاستثناءات أى قيمة فى معنى روح المدينة العالمى والإنسانى، مصر أنبوبة ماصة كما قال جمال حمدان وكل من عاش فيها صار مصرياً.

وكما فتحت المدينة أبوابها للبشر، فتحت أبوابها للفلاسفة والمفكرين من كل الدنيا ويحتاج الحديث فى ذلك إلى مجلد كامل، فمن الإسكندرية خرجت الأفلوطونية والفيثاغورية، وفيها ازدهر التصوف وعلماء الدين المسلمون، وفيها عاش كتاب أوروبيون سنوات أو عمرهم كله، وكتبوا روايات وأشعاراً صارت علامة فى تاريخ الإنسانية الروحى، ومنها خرجت كثير من حركات التجديد فى الفن، وفيها نشطت الصحافة المصرية قبل أن تتركز فى العاصمة. القاهرة. وفيها وفيها وفيها. يا إلهى أين ذهب هذا كله؟

بعد حرب السويس عام 1956 بدأ خروج الأجانب من المدينة قسراً أو رضاء، وفى 1957 بدأت سياسة التمصير للاقتصاد بدخول الدولة بحصة 51 % من رأس المال، فخرج رجال الاقتصاد الأجانب، ومع التأميم عام 1961 تم نزول الستار على وجود الجاليات الأجنبية، التى كان الكثيرون منهم يعتبرون أنفسهم مصريين، قبل أى شىء آخر وعاشوا فى أوروبا وحتى الآن أولادهم وأحفادهم يحبون المدينة، ويحنّون إليها ويكتبون عنها. مدينة العالم التى لم تتكرر.

لم يكن هناك مشكلة فى تحرير الاقتصاد ومقدرات الأمة ولكن المشكلة صارت فى التخلص من الثقافة الإنسانية بدءاً من ابسط الاشياء مثل النظافة إلى البناء والحفاظ على البيئة. تم اعتداء كبير غاشم على البيئة بردم بحيرة مريوط - لم تعد لأغنية محمد قنديل «بين شطين ومية» أى معنى الآن - الإسكندرية التى كانت بين البحيرة والبحر، صارت بين البحر والصحراء فتغير مناخها واحتبست فيها الحرارة، وتم الاعتداء على الخضرة حولها وأقيمت العشوائيات والأزقة، وجرى ذلك بمصر كلها للاسف وبالذات منذ السبعينات، ثم هب على الإسكندرية أكثر من غيرها هواء التخلف والسلفية والعقيدة الوهابية.

تغيرت العادات
كان أهلنا فى الريف قديما يأتون من قراهم فيصيرون فى الإسكندرية سكندريين وتتغير عاداتهم الريفية ولكن ذلك لم يعد يحدث الآن. تغيرت العادات ولكن إلى عادات مكتسبة من الصحراء العربية حيث هاجر الكثيرون منهم إلى السعودية والجزيرة العربية وعادوا بالزى الصحراوى والأفغانى والباكستانى والإيرانى باعتباره زى الإسلام.لا أعرف ما هى علاقة الزى بالدين فما تلبسه فى الشتاء غير ما تلبسه فى الصيف وما تلبسه فى الورشة غير ما تلبسه فى النادى. وكما جرى فى مصر كلها منذ السبعينيات أطلقت الدولة للأسف زمام هؤلاء فى محاولة منها لقهر التيارات الليبرالية أو اليسارية. ولم تستطع السيطرة فصاروا هم المفكرين الذين يخطبون بجهل فى الجوامع، يلعنون النصارى كل أسبوع وصاروا هم المتحالفين مع رجال الأحياء والحكم المحلى الفاسدين فشوهوا البناء والشوارع فى مصر كلها وليس الإسكندرية. فى الإسكندرية يكون الأمر أكثر ألما لأن الإسكندرية التى كانت تولى وجهها شطر أوروبا صارت تولى وجهها شطر الصحراء. انظر الآن الإسكندرية القديمة التى عاش فيها أعظم متصوفة وعلماء الإسلام، وتركوا خلفهم أعظم المساجد، ورغم ذلك ظلت تحتفظ بروحها الإنسانى وانظر إليها الان ترتفع فيها المساجد كل يوم وفقدت فى نفس الوقت روحها الإنسانى. لم يكن أبوالعباس المرسى ولا سيدى العدوى ولا سيدى ياقوت ولا سيدى جابر ولا سيدى القبارى ولا غيرهم وما أكثرهم فى الإسكندرية كفارا أيها الناس كانوا رموزا إسلامية عظيمة يعرفون أن الإسلام دين التسامح. أما الذين يباهون اليوم ببناء المساجد ويتوخون أن تكون امام الكنائس فقد أشعلوا فتنة لم تعرفها الإسكندرية، ووضعوا فى مساجدهم مشايخ لايعرفون من الإسلام أى معنى للتسامح والاخوة. لقد ضاع الحس المصرى وتشبهنا بالصحراء العربية ونحن لا نعيش فيها. بل تتطور الصحراء العربية ونتخلف نحن. فالسعودية الآن تباهى بأول جامعة مختلطة ونحن فعلنا ذلك منذ مائة سنة ولكن بيننا تقوم الدعوات بفصل البنين عن البنات، وفى الجامعة نفسها أساتذة يجعلون الطلاب فى الأمام والطالبات فى الخلف، وهناك الكثير جدا من مظاهر التخلف التى نعتبرها دينا. لقد جاء على الإسكندرية وقت فى سبعينيات القرن الماضى تم فيه هدم كل سينمات الأحياء الفقيرة وتحويلها إلى ورش ومخازن أو عمارات، وامتد الأمر إلى السينمات الراقية أو المتوسطة. اعتبرت حراما بينما الإسكندرية كانت المدينة الثانية فى العالم التى عرض بها شريط سينمائى بعد عرض الأخوين لوميير فى فرنسا عام 1895، أما المسارح والملاهى على الكورنيش فقد أغلقت كلها بحجة الإسلام، كأنها كانت خطيئة وبها انتهت الخطايا، والخطايا طبعاً صارت أكثر بفعل الفقر أو الغنى الفاحش.

تحرش مع النقاب
حين كانت نساء الإسكندرية يرتدين الأزياء الأوروبية، ولقد عشت ذلك، لم يكن هناك هذا التحرش الجنسى البشع، وحين اختفت النساء وراء النقاب والإسدال طاردهن الرجال فى كل مكان بأحط الطرق، ذلك أن الدعوة التى يسمونها إسلامية تعتبر المرأة شيطاناً يمشى فى الطريق مباحا لكل رجل، وهكذا اختلت القيم كما اختل وضع المدينة الجغرافى. وصارت مدينة التسامح الحقيقى مدينة مزورة ترفع راية الدين شكلاً ومظهرا شأنها شأن سائر المدن المصرية. مدينة عاشت أكثر من ألفى سنة تستوعب الدنيا كلها، صارت تضيق بأهلها من الأقباط. يا إلهى. ولا تحدثنى من فضلك عن الاستعمار والصهيونية والايادى الاجنبية. الأرض هناك الآن مهيأة لهذا كله كما هى فى سائر الوطن، الأمر فقط فى الإسكندرية يدعو للحسرة والألم أكثر من غيرها من المدن، وماجرى فى كنيسة القديسين أكد لى أن المدينة التى كانت بيضاء صارت سوداء قاتمة بفعل الأفكار التى سادت ضد تاريخها من التسامح، ولعله الحزن الذى علينا الآن أن نلعنه فى ملابسنا السوداء.

وفى النهاية أذكركم بالحكاية الجميلة عن الإسكندر الأكبر الذى حين أراد ان يرسم تخطيط المدينة على الأرض لمهندسيه لم يجد المادة الجيرية البيضاء ليخطط بها ففعل ذلك بالحبوب التى راح ينثرها على الأرض يحدد مكان البيوت والسوق والمعبد والسور، وفجأة أقبلت الطيور من السماء وأكلت الحبوب كلها فوقف متشائما، ولكن رجاله قالوا له ألا يحزن فهذا يعنى ان المدينة ستكون للشعوب من كل الدنيا. وطبعاً صدق الرجل. الآن بعد أكثر من ألفى سنة كان محقا فى تشاؤمه. أكلت طيور الصحراء المدينة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة