فرصة للعمل من المنزل - شركة تطلب مسوقين من المنزل - بدون مقابلة شخصية - فقط سجل وسيصلك التفاصيل كاملة

ربات منزل - عاطل - حديث تخرج - طالب في كلية - بل وطالب في مدرسة - متقاعد - ضباط جيش أو شرطه - موظف فعلي بأي شركة أخرى

بشرط أن لا تقوم بالتسويق وأنت في مقر عملك لأن وقتك وقوانين عملك لاتسمح لك بأن تقوم بالعمل لشركة أخرى بوقت عملك - إلا بموافقة مديرينك وشركتك

سجل بياناتك من خلال الرابط التالي وسيصلك إيميل التأكيد في خلال دقائق وتكون موزع مع الشركة

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

http://mh-sites-bola.blogspot.com/2012/07/blog-post.html

بلال فضل يكتب: كلمات لن تنصف الدكتور نصر حامد أبوزيد.. ولن تمحو عارنا أيضا

بالله عليكم، كم كان سيكسب الدكتور نصر حامد أبوزيد من المال والشهرة والنفوذ والانتشار ومحبة الجماهير ورغد العيش لو قرر أن يصبح واعظا من وعاظ الفضائيات، يحدث الناس عن أهمية الرضا بالمقسوم ووجوب طاعة الزوجة لزوجها عندما يدعوها إلى الفراش، وضرورة طاعة الزوج والزوجة وكل أفراد الأسرة للحاكم طالما كان حرا منوفيا؟.

كان الدكتور نصر، رحمه الله، من كوادر الإخوان فى مدينة المحلة الكبرى، كما يحكى لنا الدكتور جابر عصفور فى كتابه الجميل «زمن جميل مضى»، لكنه على ما يبدو لم يرغب فى إلغاء عقله ورغبته فى التفكير، ويلتزم بالسمع والطاعة فى المنشط والمكره، بل قرر أن يسلك طريق العلم، ظنا منه أنه سيوصله إلى الحقيقة، لكن طريق العلم فى بلادنا المباركة أوصله لكى يكون العالم المصرى الوحيد الذى يصدر حكم قضائى بتفريقه عن زوجته عقابا له على أنه أدى وظيفته التى وافقت الدولة على أن يتقاضى عنها مرتبا شهريا مقابل أدائها: البحث العلمى، وهو ما لم يكن سيحدث له لو شغل نفسه بالتفكير فى طريقة للإثراء من بيع الملازم والمذكرات لطلبته، أو كتابة التقارير الأمنية فى زملائه وتدبيج المقالات فى نفاق الحكام والأزلام، لكى ينال منصبا جامعيا ويصبح من أهل الحظوة.

عندما تعرض الدكتور نصر حامد أبوزيد لمحنة تكفيره والحكم بتفريقه عن زوجته الدكتورة ابتهال يونس، خرج بعض الحمقى باقتراح يطالب الدكتور نصر بأن يقف فى مؤتمر صحفى وينطق بالشهادتين ويرفع التماسا إلى رئيس الجمهورية لكى يوقف تنفيذ الحكم القضائى الذى جَلّلنا بعار لم نواجه أنفسنا به حتى الآن، ولا أظننا سنواجه أنفسنا به أبدا، فنحن خبراء فى التعايش مع العار، نعم إنه عار، وأىُّ عار، عار أننا ذبحنا إنسانا لأنه قال آراءً تختلف مع ما نعتقده، ففرقناه عن زوجته وكفرناه وجعلناه يترك وطنه ويعيش غريبا عنه حتى مات. يومها رفض الدكتور نصر ذلك الاقتراح المهين،

وقرر أن يهاجر إلى جامعة ليدن بهولندا لكى لا يفترق عن شريكة حياته ولكى يواصل ممارسة حقه الذى كفله الله له فى البحث والشك والتفكير والتأمل، ليس سرا الآن أن الدكتور نصر فى محاضرته الهولندية الأولى التى شهدت حضورا مكثفا، بفعل التغطية الإعلامية الواسعة لقضيته، بدأ نصر أبوزيد كلامه بالنطق بالشهادتين، قائلا فى كلمة تاريخية إنه رفض أن ينطق بهما فى بلاده، لأنه يرفض أن يشكك أحد فى إيمانه، لكنه فى الوقت نفسه يريد أن يعلن للجميع أنه لم يأت إلى الغرب كمرتد عن الإسلام، بل كباحث يعتز بدينه وبثقافته الإسلامية، وحرص على التأكيد، فى معنى مهم جدا أنه لا يشعر بالانسحاق أمام الحضارة الغربية،

وبرغم أن بعض الصحف المصرية نشرت ما قام به نصر أبوزيد يومها، إلا أن أحدا من مسؤولى بلادنا لم يتوقف عندما حدث لكى يأمر وسائل الإعلام الحكومية بتغطية ما حدث تمهيدا لإصدار قرار رسمى بوقف الجريمة التى ارتكبت فى حقه، وهو ما كان يمكن تحققه بصدور قرار رئاسى ينتصر للرجل المظلوم، لم يحدث ذلك برغم مطالبة الكثيرين به، بعض كتبة الحكومة تشدق وقتها قائلا بأن الرئيس مبارك لا يتدخل فى أحكام القضاء، كأن الناس فى مصر لا يعرفون إلى أى مدى تحترم الدولة أحكام القضاء، وكيف تطبقها على مزاجها، ولا تعدم فرصة للتحايل عليها أو إفراغها من مضمونها.

وحتى عندما سنحت فرصة لرد الظلم عن الرجل عندما قرر وزير الثقافة بعدها بسنين، خلال سعيه المحموم للوصول إلى رئاسة اليونسكو، أن يمنح جائزة الدولة التقديرية لسيد القمنى، مغازلة للغرب وإظهارا لوقوفه ضد التيار الدينى، لم يفعل الوزير التنويرى ماكان ينبغى أن يفعله ويرد للدكتور نصر حامد أبوزيد اعتباره، ولو حتى لأسباب عملية براجماتية، يومها كتبت فى هذه الصحيفة أقول بالنص «ألم يكن من الأولى أن يتم منح الجائزة لعالم محترم مثل الدكتور نصر حامد أبوزيد الذى مهما اختلفت مع آرائه لا يمكن أن تتهمه بازدراء الأديان أو الاستعراضية أو الغوغائية أو السعى إلى الشهرة، ألم يكن هذا التكريم سيرد الاعتبار لهذا الرجل الذى أُبعِد عن وطنه لكى لا يفرقوا بينه وبين زوجته، مع أنه لم يفعل شيئا خارج إطار مهنته كباحث جامعى من واجبه أن يخطئ ويجرب ويجمح ويشطح ويدافع عن أفكاره ويتراجع عنها لو اقتنع، خاصة أنه لم يتخذ من أفكاره وسيلة للشهرة أو الحصول على مكاسب مادية، ولو لم يكن قد تعرض للمثول أمام محاكم التفتيش فى أفكاره ونواياه لكان قد استمر فى جامعته وبلده حتى آخر عمره».

فاجأنى بعدها بأيام إيميل أرسله إلىّ الدكتور نصر من منفاه يكشف كم كان الرجل مشغولا بوطنه وكل ما يدور فيه من أحداث، رغم كل ماناله من ظلم وانتهاك لأبسط حقوقه الآدمية، قال الدكتور نصر فى إيميله «تحية طيبة وتقديرا لمقالاتك التى أتابعها قدر المستطاع من خلال موقع «المصرى اليوم»، وأحيى بصفة خاصة مقالتك عن جائزة الدولة التقديرية، لا لما أضفيته على شخصى من مديح، وعلى عملى من تقدير فحسب، بل أهم من ذلك هو تقديرك الذى أشاركك فيه بعقلى وقلبى لإنجازات أستاذنا الدكتور حسن حنفى. مقالتك أنصفت الرجل الذى شاءت الظروف السيئة أن تضعه على قدم المساواة مع من لا يدانيه علما وعطاء وإنجازا.

المأساة يا أخى العزيز هى مأساة «الفساد» الذى طال العقل ونخر فى القيم والمعايير الثقافية والعلمية. هل يعقل أن تحجب الجائزة عن أسماء مثل «أحمد أبوزيد» و«فؤاد زكريا» فى دورة هذا العام، وإنجازات الرجلين أعلى من أى تقدير وأثرهما فى الأجيال التالية - وأفخر بأننى واحد من تلاميذهما كما أننى تلميذ لحسن حنفى - أوضح من أن يُنكَر؟ . ليس معنى هذا التقليل من شأن أحد، ولا الموافقة على إشعال النيران نيران التكفير الذى يفضى إلى القتل المعنوى والجسدى ـ بل من واجب الجميع التصدى لهذا الخطر الذى استفحل حتى صار يهدد الوجود الإنسانى فى مجتمعاتنا. نصر حامد أبوزيد».

أسعدتنى رسالة الدكتور نصر، خاصة أننى كنت أتعرض وقتها لحملة شرسة من بعض أنصار ليبرالية الأستك الذين اتهمونى بالتطرف ومساندة الإرهاب بسبب ماكتبته، أرسلت إلى الدكتور نصر رسالة أعبر فيها عن تقديرى له برغم اختلافى معه، وهو مادفعنى أنا وعددا من زملائى بجريدة الدستور فى عام ١٩٩٥ للدفاع عنه بقوة ضد ماتعرض له من إرهاب وظلم، وهو دفاع لم يكن مجديا للأسف فى وقف الظلم الذى تعرض له، أعربت له عن تقديرى لموقفه الرجولى الذى اتخذه أيام العدوان الإسرائيلى على لبنان فى ٢٠٠٦، وإعلانه مساندته للمقاومة الإسلامية فى لبنان، رغم أنه كان يمكن أن يتخذ مواقف مائعة كما فعل الكثير من المثقفين العرب، أو حتى كان يمكن أن يصمت حفاظا على مكاسبه فى الغرب الذى احتضنه عندما نبذته بلاده، أذكر له هنا حوارا رائعا عن هذا الموقف مع صحيفة أخبار الأدب أنصح بقراءته على شبكة الإنترنت لكل من يرغب فى التعرف على فكر هذا الرجل ومواقفه، قلت فى إيميلى بالنص «عزيزى الأستاذ الكبير الدكتور نصر حامد أبوزيد.

تشرفت وتشرف بريدى الإلكترونى بهذه الرسالة، ولعلك لا تتصور مدى تقديرى لك وإعجابى بصمودك الإنسانى الرفيع، وبقدرتك على بلورة مواقف محترمة، وأفخر أننى كنت واحدا من الذين وقفوا معك فى معركتك، كما أننى أفخر بأننى كنت واحدا من الذين أداروا حوارا عقليا مع كتبك، وتأملوا بإعجاب أسلوبك البديع فى الكتابة ولغتك المتميزة وأفكارك الثاقبة، أذكر هنا موقفك الرائع فى مساندة حزب الله أيام العدوان على لبنان وكيف أثار دهشة بعض المثقفين البلهاء الذين تعودوا على تعليب الناس ووضعهم فى أدراج مثلما تفعل أجهزة أمن الدولة، وهؤلاء هم الذين يتصورون أن ماأكتبه عن سيد القمنى فيه دعم للتطرف، بينما نالنى من التكفير جانب عندما كتبت أطالب بتكريمك. للأسف بعض مثقفينا أصابهم ما أصاب غالبية الناس من تطرف، وهو غياب التفكير والقدرة على التفريق بين الأشياء وعدم وضع البيض الطازة مع الممشش والمضروب.

للأسف إطفاء النيران لن يكون بأن نبتعد عن الناس، بل بأن نتحاور معهم ونحترمهم، وندع البحث العلمى فى مجاله وميدانه ولناسه، كما يحدث فى العالم كله، وهذا ما أحترمه فيك، أنك قمت بواجبك فى البحث العلمى، دون أن تطلب شهرة أو وجاهة أو مجدا زائفا. مصر تفخر بك يادكتور، وأنا أقدرك وأحبك وأتضامن معك دائما، وستعود إلى بلدك معززا مكرما بإذن الله. وشكرا على تشريفك لى بهذه الرسالة التى سأحتفظ بها فى مكان خاص من وجدانى، أسعد الله أوقاتك».

بعد أيام أرسل إلىّ الدكتور نصر إيميلا دافئا قال فيه «الأخ الكريم بلال. معذرة لهذا التأخر فى الرد على رسالتك التى أعتز بها أيما اعتزاز؛ فقد فعلها الكومبيوتر من كثرة الضغط - ضغط العمل وحرن مثل الحصاوى إلا أن يزور المختص فيصلح ما به من خلل. لم تحدث خسائر فى عملية الإصلاح تلك لحسن الحظ. كم أثلج صدرى أن تذكر رد الفعل اللاعقلانى على الوقوف بجانب المقاومة بصرف النظر عن الظروف التاريخية التى جعلت المقاومة حكرا على رافعى شعارات «الإسلام» كأيديولوجية. هذا التأييد للمقاومة سياسيا لا يعنى الكف عن نقد أيديولوجيا التفسير الدينى للعالم، حيث تلتقى الأيديولوجيا الإسلاموية مع الصهيوينة فى هذا المنحى للأسف الشديد.

وقد تعرضت بالنقد لخطاب حماس ممثلا فى خطب «هنية» - وهو خطيب يمارس السياسة بمنظق الوعظ خلافا للسيد حسن نصرالله الذى يميز بين مجال الخطاب الدينى ومجال الخطاب السياسى - فكان ردهم اتهام للعبد لله بممالأة الصهيونية. من الناحية الأخرى يهاجمك الليبراليون العقلانيون بسبب تأييد المقاومة، لأنهم بالمثل لا يميزون بين الخلاف الفكرى والدفاع عن الوطن. إنها يا صاحبى الليبرالية العرجاء والعقلانية العوراء التى ترى الأشياء بعين واحدة. أترى كم أثلجت رسالتك صدرى. مع كل التقدير والاحترام. نصر حامد أبوزيد».

هكذا كان يفكر الدكتور نصر حامد أبوزيد الذى انقضت عليه بخسة مطاوى المتطرفين لتشمت فى مرضه الذى زعموا أنه غامض ثم فى موته، وتلك ظاهرة رأيناها فى العديد من المواقع الإلكترونية التى تسمى نفسها بالمواقع الإسلامية، رأينا تلك الشماتة وانعدام الإنسانية عند رحيل الشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش وبعدها عند رحيل عمنا عميد الأدب التليفزيونى أسامة أنور عكاشة، وهو مايكشف لنا إلى أى مدى أصبح التدين المظهرى مجرد غطاء يخفى تحته ماوصلنا إليه من ترد أخلاقى وانحطاط ثقافى يجعل الكثيرين يسارعون فى تكفير شخص لم يقرأوا له حرفا، ولا يعرفون أين أخطأ ولا فيم أصاب، ولا يدركون أن إحراق الكتب وإرهاب الكتاب وتفريقهم عن زوجاتهم وإهدار دمائهم لا يمكن أن يمحو فكرهم من الوجود، بل هو يكتب لهم ولأفكارهم ولكتبهم الخلود، حتى وإن كان بعض هذه الأفكار لا يستحق الخلود.

لم يكن الدكتور نصر حامد أبوزيد معصوما من الخطأ العلمى، لم يدع هو ذلك أبدا، ولم يدعه أحد من الذين عارضوا ما حدث له، كفره الكثيرون دون أن يقرأوا له، وناقش البعض أفكاره بشكل علمى ومنهجى وحاد أحيانا، واكتشفوا أخطاء علمية فى كتبه، ورد هو على البعض وتجاهل البعض الآخر. فى واحد من أهم حواراته على الإطلاق، أجراه مع الشاعر اللبنانى ناظم السيد فى صحيفة القدس العربى اللندنية يحكى نصر أبوزيد بمرارة أن مشكلته الرئيسية كانت فى عدم قراءة مكفريه لكتبه واعتمادهم فقط على ماكتبه عنه الدكتور عبدالصبور شاهين (الذى شاءت الأقدار أن يتعرض هو ذاته للتكفير بعدها بسنوات بسبب اجتهاده فى كتابه أبى آدم)، ليس ذلك فحسب بل إن الكثيرين ممن أيدوه وتضامنوا معه لم يقرأوا كتبه أيضا، يحكى فى الحوار أن مثقفا كبيرا قابله وكلمه باحتفاء عن كتابه، واكتشف نصر من كلام المثقف أنه لم يقرأ سوى مقدمة الكتاب، بل إن المثقف إياه قال له «مش كنت بالمرة تقول إن القرآن ده من تأليف محمد»، فاحتد نصر أبوزيد عليه وقال له «أولا أنا لم أقل شيئا مما تنسبه إلى، وإذا كنت ترغب فى إن تقول أن القرآن من تأليف محمد لماذا لا تكتب بنفسك كتابا تقول فيه هذا الكلام».

والحقيقة أن هذه كانت مشكلة نصر حامد أبوزيد، أنه حاول أن يفكر فى بلاد لا تقرأ، وبالتالى فهو كان مضطرا أن يدافع عن نفسه ضد من لم يقرأوه، ويتقبل تضامن أناس لم يقرأه الكثيرون منهم أيضا، كان الكثيرون يعتمدون فى إصدار أحكام بشأنه على حواراته الصحفية، رغم أنه كان لا يكف فى كل حواراته عن التأكيد على أن القضايا التى يبحثها هى قضايا أكاديمية معقدة تحتاج إلى قراءة من المتخصصين، ولا يصح أن يتم وضعها أمام غير المتخصصين الذين لن يفهموا أبدا طبيعة المصطلحات الأكاديمية التى يطلقها، وسيطلبون منه دائما تبنى مصطلحات شرعية لا تخصه كباحث علمى بل تخص علماء الشريعة، من هنا جاء اجتزاء عبارات من كتب الرجل وإطلاقها بين الناس لكى تلتصق به تهمة الكفر، منها قوله إن القرآن «منتج ثقافى»،

والذى تُصدم لأول وهلة عندما تسمعه نقلا عن الذين كفروا الرجل، لكنك لو قرأت شرحه وتفسيره لهذه الجملة ستعرف أن الرجل ظُلِم ظلما بينا، لأنه كان يستخدم تعبيرا علميا فى وصف تفاعل النص القرآنى مع المجتمع الذى نزل فيه، وكيف كان حواره مع هذا المجتمع حوارا جدليا، وهو مصطلح يؤكد الدكتور نصر أنه مصطلح علمى لايصح أن تنتزعه من سياقه لتقوله لغير المتخصصين الذين يمكن أن يتصوروا أنه ينكر إلهية القرآن، بالطبع لايتسع المقام هنا لشرح هذه النقطة بشكل تفصيلى، لذلك إذا لم تتوفر كتب الدكتور نصر بين يديك، أنصحك بقراءة حواره مع صحيفة القدس العربى الذى ستجده فى موقعها الإلكترونى، وهو واحد من أفضل الحوارات التى عرض فيها نصر حامد أبوزيد أفكاره بصراحة وهدوء، وهى أفكار ستختلف مع بعضها عندما تقرأ لعدد من الباحثين الذين ناقشوا أخطاءه بشكل علمى، لكنك ستدرك إلى أى مدى تعرض صاحبها للظلم عندما تم وصفه بالكفر والإلحاد.

لم يكن الدكتور نصر يجزع من أى اختلاف معه ولو كان حادا، كان حريصا على أن يكرر دائما وأبدا أنه مجتهد وباحث عن الحقيقة وأنه ينقد تراثه من موقع المحب والراغب فى التقدم لا الكاره أو الراغب فى الهدم، لكن كل ما قاله لم يلتفت إليه أحد فى ظل هوس التكفير، ليتحول نصر حامد أبوزيد إلى عبرة يرغب البعض فى أن يعتبر بها كل من يرغب فى التفكير بحرية، وهؤلاء الذين لم يرحموا نصر أبوزيد فى حياته قرروا أن ينازعوا الله عز وجل فى حقوقه، فيقولوا إن ما حدث لنصر حامد أبوزيد من ظروف مرضية مريرة هو عقاب من الله، ولست أدرى كيف جرؤ هؤلاء على الدخول فى علم الله ليدركوا أن ماحدث للدكتور كان عقابا، مع أنه يمكن أن يكون ابتلاء من الله لأى عبد من عبيده يكفر به عن ذنوبه ويدخله به فى رحمته، لست أدرى كيف يجرؤ الكثيرون منا على أن يتصوروا أنهم يمكن أن ينازعوا الله حقه فى محاسبة البشر والحكم على نواياهم، مع أن الله جعل الفصل بين الناس حقا له وحده يوم القيامة وليس قبله أبدا.

والغريب أنك تجد هؤلاء الغلاظ يتخذون هذه المواقف القاسية المتجردة من الإنسانية فقط فى مواجهة الكتاب والمفكرين والفنانين، لكنهم لا يتخذونها مثلا فى مواجهة أصحاب السلطة من الباطشين والفاسدين والحرامية، كما أنك تجدهم ينفقون الكثير من أوقاتهم فى تكفير عباد الله، دون أن يقدموا شيئا ينفع الناس، كما حاول الدكتور نصر حامد أبوزيد أن يفعل.

نصر حامد أبوزيد فى ذمة الله الآن، وظننا بالله تعالى أنه رحيم وعادل، لا يحاسب عبيده على التفكير والتأمل والبحث، بل يحاسبهم على الجهل والفساد والظلم والتخلف والخنوع، هذا ظننا بالله، ونحسب أن الدكتور نصر حامد أبوزيد كان يحسن الظن بالله، ولن يخيب الله تعالى ظن من أحسن به أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة