تهديد وحوش تنظيم القاعدة في العراق بالهجوم علي كنائس المصريين، يجب ألاّ نتعامل معه بخفة أو بتجاهل. حقيقة أن هذا التهديد لقي رفضاً واحتقاراً شديدين من غالبية الشعب المصري، لكن حقيقة أيضاً أن وحوش القاعدة ليسوا من المصريين الأصيلين حتي ولو حمل بعضهم جوازات سفر مصرية مثل: أيمن الظواهري وإنما هم ممن خُرّبت عقولهم، واشتروا الجنة دليل خرفهم بذبح أكبر عدد ممكن من البشر بزعم أنهم ضد الإسلام أو لا يأتمرون بأوامر زعيمهم، وأكثرهم خرفاً: أسامة بن لادن!
ومع احترامي لكل تعليقات رموز مصر من كبار علماء أدياننا السماوية، تأكيداً علي »براءة المسلمين من هذه الجرائم التي تسيء للإسلام وتخالف أحكام شريعته التي تصون حقوق الناس كافة ولا تقبل بالأعمال الإجرامية التي تستهدف الأبرياء«. أقول مع احترامي لكل ما قيل ويقال من هذه المعاني الرائعة والصادقة، أن علينا ألاّ ننسي أن وحوش القاعدة جميعهم من المتأسلمين. وكلهم يتصورون أنهم هم »عتاة المسلمين وأكثرهم قوة وبأساً في مواجهة أعداء الإسلام«!
لن ننسي ما حدث ليلة 6يناير الماضي في مدينة »نجع حمادي«. كانت الكنيسة ممتلئة بالمصريين الذين جاءوا للاحتفال بمولد سيدنا عيسي عليه السلام. خارج الكنيسة.. كانت تقف سيارة بركابها. وبعد انتهاء الاحتفال الديني، ومع بدء خروج المصلين من باب الكنيسة، سارع المتخفون داخل سيارتهم بفتح نيران أسلحتهم علي المصلين ليسقط ثمانية قتلي، ويصاب تاسع »مسلم« تصادف مروره آنذاك أمام مدخل الكنيسة.
مخططو ومرتكبو تلك الجريمة البشعة اللاإنسانية، واللادينية جميعهم من المتأسلمين حقاً، و المسلمين طبقاً للأوراق الرسمية! ولقيت الجريمة وما تزال تنديداً من كل الأسوياء المصريين، كما نجح الأمن المصري في القبض علي المجرمين الأشقياء، وأحيلوا إلي ساحة العدالة لتقتص منهم. و كلنا ثقة في أن القضاء المصري لن يرحم كل من تثبت إدانته بأحكامه الرادعة، والمتوقعة، نظراً لهول إجرامهم ووحشيتهم.
جريمة »نجع حمادي« حدث بلا مبرر معروف. فلم نسمع قبلها عن »فتوي« لأحد المخرفين يحض فيها علي مهاجمة الكنائس المصرية، حتي يمكن إتهام جماعة متطرفة أو تنظيم إرهابي أجنبي بالتحريض علي ارتكابها. ورغم ذلك وقع ما وقع. وهو ما جعل »حسني النية« يطمئنون أنفسهم بأن الجريمة يتحمل مسئوليتها من ارتكبوها ومن يحاكمون حالياً بسببها. وبالتالي يجب ألاّ يُحملها البعض أكثر مما تحتمل.
إذا اقتنع البعض ب »فردية« جريمة نجع حمادي، فإن هذا الاقتناع سرعان ما تبدد بعد »المذبحة« الأبشع في وحشيتها التي تعرضت لها، منذ أيام، كنيسة »سيدة النجاة« في حي »الكرادة« بالعاصمة العراقية:بغداد، وراح ضحيتها العشرات بين قتلي وجرحي!
الجديد في مذبحة الكنيسة العراقية أن تنظيم القاعدة أعلن مسئوليته عنها، تنفيذاً لخطته التي تستهدف طبقاً لبيان نشر علي مواقع متشددة في إرهابها علي الإنترنت »شن هجمات علي المسيحيين«! وأن »كل المراكز والمنظمات والهيئات النصّرانية رؤوساً وأتباعاً أهداف مشروعة للمجاهدين حيثما طالته أيديهم«!
و تهديدات ما يُسمي ب »وزارة الحرب بدولة العراق الإسلامية«، لم تُطلق علي المشاع وإنما تركز بيانها المعلن علي كنائس المصريين.. قبل غيرهم من شعوب العالم. فقد وجّه البيان إنذاراً للكنيسة المصرية، وأمهلتها 48ساعة فقط للإفراج عن »كاميليا« و »وفاء« المزعوم احتجازهما داخل إحدي الكنائس وهو زعم كذبته الكنيسة وتحقق الأمن من عدم صحته. وأعجبني تعليق صرح به الأنبا مرقص أسقف كنيسة شبرا الخيمة ل »سي.إن.إن« قائلاً: »ليس صحيحاً أن الكنائس المصرية تحتجز رهائن مثل ما زعمت القاعدة. وإذا كان هذا الزعم صحيحاً فهل تحرير الرهائن من شأن تنظيم القاعدة، أم من شأن الأمن المصري؟!«.
»القاعدة« لم تعر تكذيب مزاعمها التفاتاً. فهي أطلقت أكذوبة وتريد التصديق عليها! والأهم أن تجد مبرراً لإقحام مصر وكنائسها ومسيحييها في مخطط هجماتها المتوقعة ضد المسيحيين في كل الدول بدءاً بمصر!
التهديدات قد تستمر مجرد تهديدات. لكن ما رأيناه، وسمعناه، من أعمال وفظائع ارتكبها قتلة تنظيم القاعدة و وحوشها لا يطمئننا كثيراً. فليس من المستبعد علي هؤلاء أن يجدوا بيننا عقولاً نضبت، و أناسا يتحركون عن بعد، ويختاروا من بينهم من يوجهونهم للهجوم علي كنيسة مصرية، مثلما فعل بعضهم في يناير الماضي ضد المصلين الآمنين المحتفلين بمولد المسيح في كنيسة نجع حمادي.
أسعدني أن حكماء وقيادات وزارة الداخلية لم يتجاهلوا هذه التهديدات. بل سارعوا إلي تعزيز إجراءاتهم الأمنية حول الكنائس المصرية في مختلف المحافظات.
.. وللحديث بقية.
الأخبار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة