تونسيون يؤدون الصلاة في الشارع |
الأحداث متسارعة في تونس، بعد ثورة الرابع عشر من يناير، وتشكيل الوزير الأول محمد الغنوشي حكومة الوحدة الوطنية أمس التي ضمت تشكيلة من أحزاب مهمة في الجمهورية العلمانية، لكن إسلاميين حركيين في السعودية لا يزالون يسطرون البيانات تلو الأخرى موجهة للشعب التونسي بعد نجاح الثورة تدعوهم إلى تبني الحكم الإسلامي.
الرياض: (لا تعزُّ البلادُ إلا بعدلٍ، وحياةٍ يقيمُها الإسلامُ، لو دعا مسلمٌ بأرضكِ يوماً، أمَّنتْ للدعاءِ "نجدٌ" و"شامُ"!)، هذان البيتان مطلع لقصيدة كتبها الشاعر السعودي محمد المقرن، يحيي فيها الثورة التونسية، تلخص الكثير من طروحات الإسلاميين السعوديين حول أحداث تونس الأخيرة.
ولا تزال البيانات الإسلامية الموجهة للشعب التونسي تصدر بشكل شبه يومي في السعودية، وتركز غالبيتها على دعوة التونسيين لإقامة "الشريعة" وحكم الإسلام وقطف ثمرة الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي إثر 23 عاماً من الحكم.
وذكر بيان حمل توقيع (رابطة علماء المسلمين) وبثه موقع نور الإسلام "إن التاريخ سوف يكتب أن السبب الرئيس لمثل هذه الإضطرابات والقلاقل هو الظلم السياسي الناشئ عن الإنحراف عن دين الله عز وجل، واستدبار شريعته، ومحاربة أوليائه، والصد عن سبيله".
كما أشادت الرابطة في البيان نفسه "بأهمية قيام الحكم الذي يعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية على قاعدة الشورى التي طريقها الحوار بين الأمة ممثلة -في أهل الحل والعقد منها- وبين حكَّامها"، ومن المعروف في إصطلاحات الإسلام الحركي أن أهل الحل والعقد هم غالباً من رجال الدين.
ويشرف رجل الدين السعودي محمد الهبدان على موقع نور الإسلام، ويتبنى أفكار عدد من رجال الدين السعوديين ولديه قائمة إستشاريين عددهم 96 منهم 3 نساء، ومن ضمن القائمة أيضاً مواقع بعض اللجان أو العلماء الراحلين.
رسائل للتونسيين.. فهل يستجيبون
في السياق نفسه، وصف رجل الدين عبد الرحمن البراك الإنتخابات في تونس بالابتلاء، وقال في رسالته الممهورة بعنوان (رسالة إلى الإخوة المسلمين في تونس الخضراء): "وإن الموفق في هذه الفتنة من يعمل على إطفائها، محكِّما كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يجب أن يكون دستور جميع الدول الإسلامية". وأضاف البراك الذي اشتهر بفتواه حول قتل مستحلي الإختلاط: "وإنكم في الأيام القادمة ستبتلون بالإنتخابات، فإجعلوا أهم أمركم إقامة شرع الله الذي به صلاح الدنيا والآخرة، فلا تمدوا أيديكم ولا تمنحوا أصواتكم إلا لمن يكون ولاؤه للإسلام، ومن تأمنونه على دينكم ودنياكم".
من جهته، افتتح ناصر العمر وهو من رموز الإسلام الحركي في السعودية، بياناً أصدره بآية موسى وفرعون، وقال في بيانه الذي حمل عنوان (يا أهل تونس.. تهنئة وتذكرة): "ذهاب طاغية وطرده شر طردة لا يلزم منه الخلاص من البلاء والفتنة إن لم يرجع الناس إلى دين الله، وقد يخلفه مثله أو شرٌّ منه، كما هو مشاهد في كثير من البلاد الإسلامية، لذا لابد من توبةٍ صادقة، وعودة إلى الله خالصة ليرفع الله البلاء ويكشف الغمة " وقال إن "الضمانة من الهلاك هي وجود المصلحين المؤثرين في الأمة".
وقال في توصياته للتونسيين أن عليهم أن "تتفق كلمتهم على اختيار من يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم – حتى لا يستبدل ظالم بآخر بسبب اختلاف الصالحين وتفرق كلمتهم وتشتت مواقفهم، ولا يجوز أن تغلب الحزبيات الضيقة ومصالح الجماعات الخاصة على مصالح الأمة العظمى".
ورغم أن هذه البيانات بدت سياسية بامتياز، إلا أنها كانت حذرة في تعاطيها مع الشأن التونسي فيما لو فرضت القوى الوطنية أو العلمانية نفوذها الشعبي على أرض الواقع، ولم تستبق البيانات نتائج الإنتخابات التونسية المزمع تنفيذها خلال الشهرين المقبلين بحسب ما ينص عليه الدستور التونسي. حيث خلت هذه البيانات من توقع فوز أحزاب أو شخصيات إسلامية معينة، وخلت أيضاً من دعم أو تسمية رموز تونسية عرفت بتوجهها الإسلامي، وهو ما قد يفسر بأنه جهل أو قطيعة مع هذه الرموز، على العكس تماماً من أيام انتخابات الأراضي الفلسطينية عندما استطاعت حركة حماس تحقيق الانتصار والفوز بها، حيث دعم الإسلاميون الحركيون السعوديون "حماس" بكل الوسائل الممكنة بل واستضاف بعضهم قياديين فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة