فى اوائل عام 1998 رصد الدكتور سعد الدين إبراهيم أكثر من خمسين مقالا تسب وتلعن أمريكا لأنها فكرت فى إصدار قانون يتعلق بدعم الحريات الدينية عالميا، وذلك علاوة على بيانات المثقفين وفاعلياتهم وتصريحات الرسميين وتشنجات الإسلاميين. وقد شكك سعد الدين إبراهيم وقتها فى أن أى من هؤلاء لم يقرأ القانون اصلا ولا يعرف تفاصيل ما جاء فيه. عام 2010 عادت التشجنات بشكل أكثر حدة ، وخاصة الرسمية منها، فى عقب صدور التقرير الأخير يوم 17 نوفمبر 2010، وأظن أيضا أن كثير ممن علقوا على هذا التقرير لم يقراوا تفاصيل ما جاء فيه، وخاصة وأن القسم المتعلق بمصر هو الاطول عنها منذ صدور التقرير الأول عام 1999 .بدلا من هذه التشجنات الرسمية، على الحكومة المصرية أن تشعر بالعار والخزى مما جاء من تفاصيل مقززة عن أنتهاكاتها الجسيمة للحريات الدينية،خاصة وأن وزيرة الخارجية قد أعترفت علنا أن الخارجية تعاونت للحصول على هذه التفاصيل مع منظمات حقوقية مصرية ونشطاء فى الداخل والخارج وشكرتهم على تعاونهم هذا، وقد ذكر التقرير العديد من أسماء هذه المنظمات وكلها ذات سمعة محترمة فى مصر. رغم التشنجات والبيانات العنجهية ،لم تستطع الجهات الرسمية المصرية نفى معلومة واحدة من المعلومات الغزيرة التى جاءت فى تقرير هذا العام، وخاصة أن التقرير ربط ما حدث فى الأعوام الثلاثة السابقة بطريقة الفلاش باك.
تعالوا نستعرض مقتطفات بنصها مما جاء فى هذا التقرير الهام.
ينص الدستور على حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، بالرغم من أن الحكومة تضع قيودا على الممارسة العملية لهذه الحقوق. إن وضع إحترام الحكومة للحرية الدينية ما زال سيئأ.ً إن المسيحين و أعضاء الطائفة البهائية التي لا تعترف بها الحكومة يتعرضون لتمييز شخصي وجماعي، خاصةً فيما يتعلق بالتعيين الحكومي والقدرة على بناء وتجديد وإصلاح أماكن العبادة. الممارسات الحكومية، خاصةً تلك المتعلقة بالتعيين الحكومي، التي تميز ضد المسيحيين، مما يسمح بترسيخ أثار هذا التمييز وتأثيره على قولبة المجتمع. صدر حكم لمحكمة ابتدائية في يناير 2008 يفسر كفالة الدستور للحرية الدينية على أنها غير قابلة للتطبيق على المواطنين المسلمين الذين يرغبون في التحول لديانة أخري. وقد حكمت المحاكم في سنوات سابقة ان كفالة الدستور للحرية الدينية لا تنطبق على البهائيين. بالرغم من عدم وجود حظر قانوني على التحول الديني، إلا ان الحكومة لا تعترف بتحول المسلمين للمسيحية أو للديانات الأخرى، ومقاومة المسئولين المحليين لهذه التحولات – من خلال رفض الإعتراف القانوني بالتحول. ومع انه ليس هناك حظر قانوني على تبشير المسلمين، فإن الحكومة تقيد مثل هذه الجهود. وكانت الشرطة قد احتجزت أو ضايقت المتهمين بالتبشير بناءا على تهمة الإساءة إلى الأديان السماوية أو التحريض على الفتنة الطائفية. بموجب الشريعة الإسلامية كما يتم تطبيقها في مصر، فإنه يُحظر على المسلمات التزوج برجال غير مسلمين. الزوجة غير المسلمة التي تتحول للإسلام يجب أن تقوم بتطليق زوجها غير المسلم على الفور وتمنح حضانة الأطفال للأم. لا تتمتع المسيحيات الأرامل لأزواج مسلمين بحقوق تلقائية للميراث ولكن يمكن أن تنص عليها وثائق الوصية. بموجب الشريعة الإسلامية، يفقد المتحولون من الإسلام كل حقوق الميراث، هذه الممارسة تتفق مع التفسير الحكومي للشريعة الإسلامية، التي تنص على "عدم ولاية غير المسلم على المسلم." .عندما يتزوج رجل مسيحي بإمرأة مسلمة خارج البلاد، فإن زواجهم غير معترف به قانوناً في مصر. بالإضافة لذلك، فإنه يمكن القبض على المرأة واتهامها بالردة، وأي أطفال تثمر عنهم هذه الزيجات يمكنهم اخذهم ووضعهم تحت وصاية ذكر مسلم. يتمتع مركز البحوث الإسلامية التابع للأزهر بصلاحية قانونية لرقابة – ومنذ عام 2004 – لمصادرة أي مطبوعات تتعرض للقرآن والأحاديث الشريفة. وقد اصدرت وزارة العدل قرارا في 2003 يُصَرِح للأزهر بمصادرة المطبوعات والشرائط والخطابات والمواد الفنية المتعارضة مع الشريعة الإسلامية. خلال الفترة التي يشملها هذا التقرير، كانت السلطات أحيانا تسمح بأن تنتقل الوصاية على أنثى مسيحية قاصر تتحول للإسلام الي يد وصي مسلم، يحتمل أن يوافق على زواج يرفضه والدي الفتاة المسيحيين. . وصرحت المحكمة أيضا أن مصر دولة لايحكمها فقط القانون المدني، وانها قد أقرت الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وضمانات الحرية الدينية الواردة فيه، "مع الأخذ في الاعتبار بنصوص الشريعة الإسلامية وغياب التناقض بين هذه النصوص وبين الميثاق،" مما يعني أنه في حالة حدوث تناقض فإن الأولوية تعطى للشريعة الإسلامية. ينص الدستور على حقوق ومسئوليات عامة متساوية دون تمييز على أساس الديانة أو العقيدة؛ مع ذلك، فإن الحكومة تمارس التمييز ضد غير المسلمين. لم تقم الحكومة بملاحقة الجناة الذين ارتكبوا أعمال عنف ضد المسيحيين الأقباط في عدد من الحالات، بما في ذلك البهجورة وفرشوط ومرسى مطروح ،بل استمرت الحكومة في رعاية "جلسات الصلح" التي تعقب الإعتداءات الطائفية بدلا من ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد الأقباط. وردت تقارير متفرقة عن ملاحقة الشرطة للمتحولين من الإسلام للمسيحية. قامت قوات الأمن الحكومية بإعتقال 200-300 شخص شيعي. في 2 يوليو 2009، قاموا باحتجاز الشيخ الشيعي المعروف حسن شحاتة بتهمة تكوين منظمة بغرض نشر الأفكار الشيعية التي تستهين بالإسلام والعقائد السنية. في يونيو 2009، قامت قوات الأمن والشرطة، حسبما ذكر، بإثارة صدام طائفي في البشرة قرب بني سويف عندما منعوا المسيحيين من الصلاة في كنيسة غير مرخصة. في عام 2008، قبض المسئولون الأمنيون بالمطار علي سيدة متحولة من الإسلام للمسيحية هي وزوجها وأبناهما اللذان يبلغان سنتين و 4 سنوات من العمر وهم يحاولون ركوب الطائرة المتجهة لروسيا. وقد أخبرت المتحولة المسئولين الأمريكيين أن مسئولي أمن الدولة قد قاموا بإغتصابها مرات عديدة وألحقوا بها أنواع أخري من الإيذاء البدني والمعنوي أثناء احتجازها في يناير 2009 للضغط عليها لتعود للإسلام. وبالرغم من أنه قد تم الإفراج عن زوجها وطفليها بعد إحتجازهم 4 أيام، فقد تم احتجازها حتي 22 يناير 2009 حين وافق القاضي على الإفراج عنها بكفالة. قبل الموافقة على الكفالة، حسبما ذكر، فإن أحد القضاة قد أخبرها بأنه كان سيقتلها لو كان القانون يسمح بذلك. وحسبما ذكر، فعند الإفراج عنها تم إلقائها من سيارة متحركة وقد إختبأت بعد ذلك، حيث لاتزال مختبأة حتى نهاية الفترة التي يشملها التقرير. بداية من 15 مارس 2010، قام مسئولو الأمن الحكوميون بإعتقال 11 فرد من أعضاء الطائفة الأحمدية المسلمة بمصر. لم تتخذ الحكومة أي إجراء لتنفيذ حكم صادر في عام 2008 للمحكمة العليا للعدل الإداري حيث أمرت الحكومة بإصدار وثاق هوية قومية لـ12 شخص متحول للمسيحية كانوا في الأصل يدينون بالمسيحية ثم تحولوا للإسلام. بنهاية الفترة التي يشملها التقرير، لم تكن الحكومة قد قامت بمحاكمة أي من القرويين البدو الذين اعتدوا على دير أبو فانا في 2008، ولا هؤلاء الذين قاموا في نفس الوقت بإختطاف الرهبان والحاق الإيذاء البدني بهم، وقاموا، حسبما ذكر، بمحاولة إجبارهم على التحول للإسلام. وقد ذكر دعاة حقوق الإنسان أن هذا الحادث هو مثال لنمط سائد حيث تقوم السلطات الحكومية بإعتقال الأقباط في أعقاب الهجمات الطائفية واما تقوم باحتجازهم دون اتهامات أو تهديدهم باتهامات كاذبة وبإنه سيصبح لهم سجل بالشرطة؛ والإعتقالات هي بمثابة اداة لإبتزاز القيادة القبطية لتتوقف عن المطالبة بالمحاكمة الجنائية للجناة ولكي تثني الضحايا و/أو أسرهم عن اللجوء للقضاء لطلب تعويض عن الأضرار. امر النائب العام في عام 2008 بالإفراج عن 25 عضو من أعضاء مذهب الأحباش الإسلامي دون توجيه اتهامات لهم، بما فيهم ثلاثة لبنانيين وكازاخستاني، تم اعتقالهم في 2007 بتهمة العضوية في منظمة غير مشروعة وازدراء الأديان. في يناير 2009، تم الحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات على 6 أشقاء مسيحيين بتهمة "مقاومة الإعتقال" و "الإعتداء على السلطات". أكد النشطاء الأقباط أنه قد تمت ملاحقة الأشقاء لرفضهم إغلاق المقهى الخاص بهم أثناء شهر رمضان. في عام 2008، حكمت محكمة الجيزة الجنائية على الكاهن القبطي ميتاوس وهبه بالسجن 5 سنوات مع الأشغال الشاقة لقيامه بعقد مراسم زواج قبطي ومتحولة للمسيحية. في ابريل 2009، قامت قوات الأمن الحكومية بهدم مبنى كانت المطرانية القبطية بمرسى مطروح قد اشترته منذ وقت قريب ليستخدم كمركز للخدمات الإجتماعية للأبرشية. امرت الحكومة بإعدام الخنازير الموجودة في البلاد والتي يقدر عددها ب400,000 بدءأ من 1 مايو 2009. بعد تصريح منظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء والزراعة بأن ذبح الحيوانات لن يكون له تأثير على انتشار فيروس A/H1N1، فإن وزارة الصحة قد اقرت، وفقاً لجريدة المصري اليوم وجرائد أخرى، بأن الدولة قد استغلت الانتشار العالمي للفيروس من أجل وضع حد لما أطلقت عليه تربية الخنازير. إعدام الحكومة للخنازير كان له تأثير اقتصادي شديد على العائلات القبطية التي تعتمد على الخنازير وجمع القمامة كمصدر أولي للدخل. في مارس 2009، قام المجلس المحلي بمغاغة، بمحافظة المنيا بهدم جزء من المدافن المسيحية التي تبلغ سعتها 10 فدان، مما أدى لتدمير بعض المقابر. في 2008، قامت السلطات بهدم مبنى قبطي للخدمات الإجتماعية تملكه الكنيسة القبطية بالأسكندرية. هدمت السلطات المحلية المبنى بدعوى انه قد تم بنائه بدون تصريح. في 30 مارس 2010، رفضت محكمة إدارية بالأسكندرية دعوى قضائية تم رفعها بالنيابة عن صبيين ولدوا على الديانة المسيحية الأرثوذكسية ويرغبون في أن يتم الإعتراف بهم كمسيحيين بالرغم من أن والدهم قد تحول للإسلام في عام 2005. إن رفض المحكمة للدعوى القضائية يساند السياسة التمييزية للتغيير القسري للإنتماء الديني للأطفال الذي يسجل في الوثائق الرسمية حين يتحول الأب للإسلام، حتى حين تظل حضانة الأطفال مكفولة للأم. في 27 يوليو 2009، منحت محكمة الأسرة بالقاهرة الحضانة القانونية للطفل آسر اسامة صبري، وهو ابن لوالدين بهائيين، لعمته المسلمة.
في يونيو 2009، أشارت منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى تقرير صدر في 2007 لمنظمة Human Rights Watch التي أكدت انه في 2007 كانت هناك 89 حالة لمواطنين مصريين تم تغيير انتمائهم الديني في الوثائق الرسمية رغماً عن ارادتهم، بعد تحول الأباء للإسلام.
رفض مسئولون حكوميون محليون إصدار تصريح لبناء كنيسة جديدة في مركز الأربعين في أسيوط لمدة 13 عاما، بالرغم من صدور أمر رئاسي في 2007 وموافقة وزارة الداخلية على إصدار التصريح. أصدر الرئيس قرارات تسمح للكنائس القبطية الأرثوذكسية في مركز الحمرا باسيوط وبرج العرب بالأسكندرية لبناء كنائس جديدة، لكنهم مازالوا في انتظار صدور تصاريح البناء منذ عام 1997 و1988 على التوالي. قام المسئولون الحكوميون المحليون في محافظة أسيوط بسحب رخصة لبناء كنيسة خاصة بكنيسة الآخوة بعد منح الترخيص في عام 2001. وقد استمرت وزارة الداخلية في منع أعمال تجديد كنيسة يوحنا المعمدان في أولاد الياس، بصدفا، قرب أسيوط، والتي بدأت منذ تسع سنوات. كذلك، منعت السلطات الحكومية تجديد كنائس أخرى، بما فيها كنيسة مار مينا بالقرب من بني سويف، والملاك ميخائيل القبطية في عزبة النخل.
يحقق المسئولون في السفارة الأمريكية في الشكاوي التي يتلقونها فيما يتعلق التمييز الديني الرسمي، كما يناقشون شئون الحرية الدينية مع جهات مختلفة تتضمن الأكاديمين ورجال الأعمال والمواطنين خارج العاصمة.
هذه مقتطفات مختصرة من التقرير الذى يزيد عن 12 الف كلمة بها الكثير من التفاصيل عن الوقائع والأسماء، ولكن هذه التفاصيل العامة تكشف مدى التدهور فى وضع الحقوق الدينية فى مصر ومسئولية الدولة المصرية عن ذلك، واترك القارئ ليتأمل ما جاء فى هذا المقال من حقائق مؤلمة.