حوار غادة عبدالحافظ ١٥/ ٩/ ٢٠١٠ المصرى اليوم
تصوير ـ السيد الباز
الأنبا بيشوى
يشتبك الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس، ورجل الكنيسة القوى، مع عدد من الملفات الأكثر إثارة للجدل فى المشهد المصرى الآن، ويؤكد - فى هذا الحوار - أن كاميليا شحاتة، زوجة كاهن دير مواس المختفية، فى «مكان آمن»، واصفاً اتهام الكنيسة باختطافها بأنه «كلام فارغ». كما يؤكد حبه وولاءه للرئيس مبارك ونجله جمال، ويمتنع فى الوقت نفسه عن إعلان موقف واضح للكنيسة من مرشحى انتخابات الرئاسة المقبلة، تاركاً للأقباط حرية اختيار من يرغبون، ويرفض بحسم أى حديث عن تدخل الدولة فى إدارة الكنيسة، ملوحاً بـ«الاستشهاد» فى مواجهة سيناريو من هذا النوع.
وعلى الصعيد الكنسى، يعرض الأنبا بيشوى موقف البطريركية الأرثوذكسية من قضايا الطلاق والزواج الثانى، وما يسميها «الاختراقات الإنجيلية لشباب الكنيسة»، إلى جانب قضية خلافة البابا، التى يفضل الابتعاد عن مناقشتها، مؤكداً سلامة الحالة الصحية للبابا شنودة الثالث، وقدرته على أداء مهامه، فإلى نص الحوار.
■ لنبدأ بالقضية الأكثر سخونة على الساحة.. أين اختفت كاميليا شحاتة ومن قبلها وفاء قسطنطين؟
- فى مكان آمن للحفاظ على حياتهما، ووزارة الداخلية تعلم يقيناً أنهما فى منتهى السلامة.
■ لكن هناك اتهامات للكنيسة باختطافهما لإجبارهما على العودة للمسيحية بعد إشهار إسلامهما؟
- هذه «جعجعة»، واتهامات كاذبة ليس لها أساس من الصحة، وأنا لم أتابع موضوع كاميليا شحاتة بشكل جيد، لكننى كنت طرفاً أساسياً فى قضية وفاء قسطنطين، وهى قالت فى النيابة وبمنتهى الشجاعة «أنا مسيحية وهموت مسيحية»، ولم تذهب إلى «الأزهر» من الأساس لإعلان إسلامها.
■ لكنها ذهبت للأمن وطلبت الدخول فى الإسلام؟
- وفاء كان عندها بعض المشاكل ولجأت للأمن وليس للأزهر، وقالت للضباط «أنا عايزة أكون مسلمة»، فالأمن اتصل بنيافة الأنبا باخميوس بمطرانية البحيرة، وطلب - طبقاً للقرار الوزارى - أن نعطيها بعض جلسات النصح حتى يتأكدوا من صدق نيتها فى الإسلام، واتفقنا على أن تقيم فى مكان محايد تحت حراسة الأمن، فاخترنا فيلا النعام بالزيتون وهى ملك الكنيسة لكن تم تسليمها للأمن ووُضعت تحت حراسة مشددة، وكنت أذهب لمقابلة وفاء مع نيافة الأنبا موسى ونيافة الأنبا آرميا، وندخل لها بتصريح من الأمن، لنجيب عن تساؤلاتها.
■ وأين ذهبت بعد خروجها من النيابة خاصة أن البعض يردد أنه تم خطفها وقتلها؟
- ولماذا أخطفها أو أقتلها أو حتى أعذبها وهى قالت أمام النيابة إنها مسيحية وستموت مسيحية، وكانت الفرصة كاملة أمامها لتقول ما شاءت أو تطلب حماية النيابة، لكن ما حدث أنها أعلنت بشجاعة أنها مسيحية، والكنيسة تسلمتها من النيابة ونقلتها لمكان أمين لحمايتها، لأننا خائفون عليها من بعض الناس الذين يمكن أن يتهموها بالارتداد عن الإسلام، أو يقتلوها، ولو كانت أصرت على اعتناق الإسلام، لأخذتها من يدها وذهبت بها إلى الأزهر.. ماذا أفعل بها لو لم تكن المسيحية فى قلبها.
■ وماذا عن كاميليا شحاتة وما يتردد عن اختطافها ووضعها تحت العلاج بالعقاقير التى قد تؤثر على سلامتها العقلية؟
- هذا كلام فارغ وغير صحيح، لأن الكنيسة لا تجبر أحداً على اعتناق ديانة معينة، وكل ما أستطيع قوله إنها صورة متكررة من قصة وفاء قسطنطين، وكاميليا الآن فى مكان آمن برغبتها لأننا نحرص على سلامة الشخصية التى تمر بظروف مماثلة، وهى حالياً فى منتهى السلامة والسعادة بديانتها المسيحية.
■ هل المشاكل الزوجية وعدم سماح الكنيسة بالطلاق يدفعان بعض زوجات الكهنة وبعض السيدات المسيحيات إلى الهروب والدخول فى الإسلام؟
- هذا التصور مبالغ فيه، وفاء قسطنطين مثلاً لم تكن لديها مشاكل زوجية أو أى علاقة بشخص مسيحى أو غيره ولم تفكر حتى فى الطلاق من زوجها الكاهن، الذى توفى لاحقاً، وهى الآن - طبقاً للعقيدة المسيحية - تعيش على ذكراه، ولا يجوز لها الزواج بغيره وهى راضية بذلك.
وإذا جاءت زوجة كاهن تشتكى من زوجها واتهمته مثلا بأنه يضربها، ستكون «وقعته مش فايتة»، ونحاكمه كنسياً، ومن خلال منصبى كرئيس للمجلس الإكليريكى العام لمحاكمة الكهنة بالإنابة عن قداسة البابا نحاكم ونشلح كهنة كثيرين، لأسباب مشابهة، فالكاهن ليس على رأسه ريشة، وزوجته لها نفس حقوق باقى الزوجات وأكثر، لكن البعض يحبون تضخيم الأمور وتصويرها على أنها ظاهرة، رغم أنها لا تتعدى كونها مشاكل فردية.
■ وإذا جاءكم أحد يريد التحول من الإسلام إلى المسيحية هل تبلغون «الأزهر» أولاً؟
- لو عادت جلسات النصح وتم الاتفاق على ذلك فما المانع، لأن هذا القادم إذا لم يكن مسيحياً حقيقياً فسيضرنى بأفكاره التى يمكن أن تؤثر فى شباب الكنيسة، ولهذا نطالب دائما بعودة جلسات النصح والإرشاد الدينى التى تم إلغاؤها بعد واقعة وفاء قسطنطين، وقدمنا مذكرة بهذا المعنى للدكتور مصطفى الفقى ليساعدنا فى رفعها إلى الرئيس مبارك لتفادى المشاكل المترتبة على عودة بعض من يعلنون إسلامهم للمسيحية، مثل مشكلة استخراج بطاقة شخصية، والأستاذ رمسيس النجار المحامى عنده أكثر من ٢٠٠٠ قضية لعائدين للمسيحية ترفض وزارة الداخلية تغيير الديانة فى بطاقاتهم الشخصية، ومحكمة القضاء الإدارى حكمت بأن يكتب لهم فى البطاقة «مسيحى - مسلم سابقاً» لكن وزارة الداخلية رفضت وذهبت بالقضية إلى المحكمة الدستورية، وأنا أطالب الآن، من خلال جريدتكم، بعودة جلسات النصح، لكن ليس فى مديرية الأمن أو المطرانية، لكن فى مقر المجلس القومى لحقوق الإنسان بالقاهرة، لأن به أناساً كثيرين نشعر بأنهم يقبلون فكرة حرية الاعتقاد، وإذا اقتنع مسيحى فعلاً بالإسلام سآخذه بنفسى إلى «الأزهر» لأننى أؤمن بحرية الفكر والعقيدة.
■ وهل تقبلون أن تجرى نفس جلسات النصح للمتنصرين أيضا؟
- موافقون طبعاً، لكن بشرط ألا يخرج من المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى السجن، يجب أن يكون هناك قانون يحميه، ويأخذ وقته بالكامل فى التفكير حتى لو وصل إلى شهر أو سنة، وبعد ذلك تتم حمايته من أهله ومن الأمن، لأن من يعلن رغبته فى اعتناق المسيحية الآن تأخذه الشرطة «يرنّوه علقة تمام ويتحبس عدة أيام علشان يرجع عن اللى فى دماغه».
■ تصاعدت حدة احتجاجات الأقباط واعتصاماتهم فى الفترة الأخيرة بسبب قضايا مختلفة تتراوح من أسلمة وخطف القاصرات إلى الخلاف على بناء كنيسة أو سور.. ما تفسيرك؟
- الأقباط لم يفعلوا هذا إلا بسبب إلغاء جلسات النصح والتكتم على إسلام بعض فتيات الأقباط، أما الخلاف على بناء الكنائس أو الأسوار فلم يحدث ذلك إلا فى المنيا والسبب هو المحافظ نفسه، حيث أخذ موقفاً ضد المصابين فى حادث أبوفانا من طالبى الرهبنة ورفض علاجهم، واضطرت الكنيسة إلى نقلهم إلى القاهرة للعلاج فى مستشفى مسيحى، وما وقع لا يتعلق بسور أو كنيسة بل كان هجوماً بالأسلحة على الدير، وتسبب عيار طائش فى موت شخص مسلم، فتم القبض على ٢ من المسيحيين ظلماً، وتنازل الأقباط عن شكوى الضرب والاعتداء مقابل الإفراج عنهما، مما أدى لتصاعد الغضب القبطى فى المنطقة، وهذا حقهم.
■ لكن البعض يقول إن الأقباط علا صوتهم وكثرت احتجاجاتهم بسبب استقوائهم بالخارج وأقباط المهجر؟
-ليس صحيحاً، ماذا فعل لنا الخارج فى قضية الكشح الثانية التى قتل فيها ٢٠ مسيحياً، وتعرّف المصابون على الجناة فى النيابة وحددوا من أطلق عليهم الرصاص، ومع ذلك لم يصدر حكم بحق أى من القتلة.
الحكاية ليست استقواء بالخارج، والأقباط عندما يحتجون ويصرخون فهم يصرخون للرئيس مبارك، لكن ناشطى أقباط المهجر يكتبون على الإنترنت دون أن يصرخ أحد أو يتظاهر هنا، وينشرون أخباراً قبل أن أعلمها أنا، نحن نعرف أخبارنا من عندهم، وتصل إليهم عن طريق أهلهم وأقاربهم فى مصر.
■ لوحظ فى الفترة الأخيرة أن بعض الأقباط يتركون الطائفة الأرثوذكسية لتشددها فى قضايا الزواج والطلاق ويتجهون إلى طوائف أخرى أقل تشددا؟
- هذا غير صحيح، وهناك اتفاق موقّع بين رؤساء الطوائف على عدم قبول من يرغب فى الطلاق، إلا إذا سمحت به الشريعة المسيحية، وكان هناك تراضٍ بين الطائفتين، أما من يزوجون الحاصلين على حكم بالطلاق من المحكمة فهؤلاء قساوسة بروتستانت شاردون عن طائفتهم، أو قساوسة أرثوذكس مشلوحون، مثل القس أندراوس عزيز، وهو قس مشلوح لكن معه دفتر توثيق، ووزارة العدل لم تسحب الدفتر منه حتى الآن رغم مطالبتنا بذلك، وهو يوثق زيجات مخالفة دون تصريح من البطريركية.
■ فى قضية الزواج الثانى للمطلقين نشبت خلافات عديدة بين بعض المسيحيين والكنيسة، وبعضهم طالب بتطبيق «روح الإنجيل»؟
- فى الإسلام تقولون: «لا اجتهاد مع النص»، وعندنا الشىء نفسه فالمسيح منع الطلاق إلا لعلة الزنى، ومنع أيضاً زواج الطرف المخطئ، وهو يقول: «كل من طلق امرأته إلا لعلة الزنى فإنه يجعلها تزنى» وهذا نص صريح، وهناك نص ثانٍ يقول فيه: «وكل من تزوج مطلقة فإنه يزنى».
■ إلى أين وصل مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد لغير المسلمين؟
- مازال تحت البحث ولكن لم يُعرض بعد على الطوائف للموافقة على صياغته الجديدة.
■ يواجه القانون اعتراضات من بعض الطوائف قبل خروجه للنور، فالكنيسة الإنجيلية رفضت موافقة البابا شنودة على إلغاء بند التبنى، و«الروم الأرثوذكس» اعترضت بسبب عدم تمثيلها فى لجنة إعداد القانون فما ردك على ذلك؟
- وزير العدل هو الذى شكل اللجنة وليس نحن، وعندما سُئل عن سبب استبعاد الروم الأرثوذكس قال إنهم وقعوا على القانون نفسه من قبل، أما موضوع التبنى فالبابا لم يرفضه، بل رفضه المسلمون، والبابا قال إذا كان هذا الموضوع سيوقف القانون، فليتم إقرار القانون بدونه، وبعد ذلك نتباحث فى الموضوع، ونقول للمعترضين على هذا الموقف «طالبوا بإقرار التبنى فى القانون ولو استطعتم تحقيق ذلك فـ(كتر خيركم)، وسنطالب بالمثل».
■ قُلت من قبل إن هناك اختراقاً وتبشيراً بين أبناء الكنيسة الأرثوذكسية من الطوائف الأخرى، خاصة الإنجيلية، ألا تزال هذه القضية مستمرة؟
- بالفعل هذا التغلغل موجود ومستمر بتمويل من أمريكا، وعندنا تسجيلات وكتب تدّعى أننا نعبد الأصنام نشروها على الإنترنت، وعندما زرت رئيس الطائفة قلت له «هل يرضيك هذا الكلام؟»، وسألته «هل نحن نعبد الأصنام؟»، وقد شعروا بالخجل من هذه المواجهة.
وتتم هذه الاختراقات من خلال مؤتمرات للشباب بأسعار رمزية، يأخذونهم لقضاء يوم كامل فى الرياضة واللعب والسباحة فى حمامات مشتركة للشابات والشبان، ثم يقدمون لهم وعظة بروتستانتية فى آخر اليوم، وعندنا «سى دى» بهذه النشاطات من تصويرهم.
■ وكيف تواجه الكنيسة الأرثوذكسية تلك الاختراقات؟
- عندنا مهرجان الكرازة الذى ينظمه الأنبا موسى، أسقف الشباب، ويشارك فيه نصف مليون من الشباب والأطفال، وهو نشاط صيفى يشمل الرياضة ودراسات للكتب، وكلها أنشطة بريئة لحماية الشباب من حضور مؤتمرات البروتستانت، لكنهم يسحبون بالتدريج جزءا من الشباب، ولديهم قنوات فضائية للأسف يشارك فيها قساوسة أرثوذكس لهم ميول خمسينية ويخالفون قرار المجمع المقدس بمنع أى كاهن أرثوذكسى من الظهور فى قنوات غير أرثوذكسية.
■ إذا انتقلنا إلى الشأن العام ما رأيك فيما يحدث حالياً من حراك سياسى، ومحاولة بعض المرشحين للانتخابات الحصول على تأييد الكنيسة؟
- كل واحد حر فى التعبير عن رأيه «بس ما يغلطش»، وأنا أحترم رئيس الدولة ولا أوافق على التجريح، حتى لو اختلفنا، ومن يرد ممارسة أى نشاط سياسى من المسيحيين فليفعل لكن دون تجريح، لأن المسيحية تنهانا عن التجريح فى رئيس الدولة.
وبعض المرشحين يدخلون الكنيسة فى الأعياد والاحتفالات المسيحية ويقولون لنا «كل سنة وإنتم طيبين»، لكنهم لا يتكلمون فى السياسة، ويأتون ليبينوا أنهم يكنون مشاعر طيبة للأقباط، وهؤلاء لن نطردهم، لكن لم يأت أحد ليقول انتخبونى، لأننا لا نسمح بذلك.
■ هل هناك توجيه من الكنيسة للأقباط بانتخاب أشخاص بأعينهم؟
- لا، نحن نشجعهم على المشاركة والإدلاء بأصواتهم لصالح من يختارونه هم، لأنهم أحرار فى انتخاب من يريدونه.
■ فى انتخابات الرئاسة المقبلة.. مَنْ سينتخب الأقباط؟
- أعلن دائماً أننى أحب الرئيس مبارك، لكن لا أستطيع إرغام الأقباط على انتخاب أى أحد حتى لو كان الرئيس.
■ ما موقف الكنيسة من ملف التوريث وترشيح جمال مبارك للرئاسة؟
- أنا شخصياً أحب جمال مبارك، لكن - كما قلت - الأقباط أحرار فى انتخاب من يريدون.
■ معنى ذلك أنك ستنتخب جمال مبارك إذا ترشح للرئاسة؟
- هذا أمر يخصنى، وسأعبر عنه فى صندوق الانتخابات، لكن أنا لا أخفى، ودائما أعلن حبى للرئيس وجمال من قلبى وليس مجاملة، لأن عصر مبارك هو أفضل عصر للأقباط فى مصر رغم بعض المشاكل، لكن الرئيس ليس سببها، ودائماً ما يقف فى صفنا ويعطينا حقنا، وجمال إنسان مؤدب ويحب الأقباط.
■ البعض طالب بـ«كوتة» للأقباط فى مجلس الشعب مثل «كوتة» المرأة، ما تعليقك على ذلك؟
- لا نطالب بـ«كوتة» حتى لا يقول أحد إن هذا انتخاب أو ترشيح على أساس دينى، وحتى لا يطالب الإخوان بمرشحين إسلاميين، ولكن يمكن أن يتم تمثيل الأقباط من خلال القائمة النسبية لتضم نساء وأقباطاً ومسلمين، فليس منطقياً أن يكون بمجلس الشعب ٤٤٤ عضواً منهم ٤ أقباط فقط.
■ بمناسبة ذكر الإخوان المسلمين، ما موقف الكنيسة منهم؟
- نحبهم لأن السيد المسيح أمرنا أن نحب كل الناس، وليتهم يحبوننا كما نحبهم، ويؤمنون بحرية الاعتقاد كما نؤمن، وأنا أول من سيفرح لو آمن الإخوان المسلمون بحقوق الإنسان.
■ بعد تكرار الاحتجاجات القبطية، خاصة بعد أزمة الزواج الثانى، طالب البعض برفع يد البابا والأساقفة عن الكنيسة ووضع الأديرة تحت رقابة الدولة.. كيف ترى هذه الدعوة؟
- ماذا يعنى رفع يد البابا والأساقفة عن الكنيسة؟ ألا يكفى أن الجزية فُرضت علينا وقت الفتح العربى، تريدون الآن أن تُصلّوا لنا وتقولوا «آبانا الذى» و«لنشكر صانع الخيرات»، وتقيموا الصلوات والقداسات؟
■ المقصود أن تمارس الكنيسة واجباتها الدينية فقط وليس أى شىء آخر؟
- هذا شىء عجيب، ومن يطالبون بذلك نسوا أن الأقباط أصل البلد، نحن نتعامل بمحبة مع ضيوف حلّوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا «كمان عايزين يحكموا كنايسنا»، أنا لا أرضى بأى شىء يسىء للمسلمين، ونحن كمسيحيين نصل إلى حد الاستشهاد إذا أراد أحد أن يمس رسالتنا المسيحية، وإذا قالوا لى إن المسلمين سيرعون شعبى بالكنيسة، فسأقول «اقتلونى أو ضعونى فى السجن حتى تصلوا لهذا الهدف».
■ لم يتحدث أحد عن إشراف المسلمين.. الحديث يدور عن الدولة، وبعض العلمانيين الأقباط يطالبون بذلك أيضاً؟
- السادات حاول تطبيق هذا ولم ينجح، وارجعوا بالذاكرة لأحداث سبتمبر ٨١، أما العلمانيون فمن هم ومن الذى انتخبهم من الشعب القبطى؟ هؤلاء «نفر واحد ولامم حواليه ٥ أو ٦ أنفار فقط»، وعندما دخل انتخابات المجلس الملى فشل، وهو يمثل نفسه ولا يمثل ملايين الأقباط، وحتى البعض من أقباط المهجر الذين يطالبون بهذا هم ضد الكنيسة ولهم مشاكل معها.
■ بعض نشطاء الأقباط طالبوا أيضاً بوضع أموال الكنيسة تحت الرقابة حتى تسهل محاسبة القائمين على صرفها؟
- الآباء الأساقفة ليست لهم عائلات، وأموال الإبراشية كلها تسلم للأساقفة المتتابعين، والأوقاف تحاسب عليها هيئة الأوقاف القبطية تحت رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وأملاك البطريركية يديرها المجلس الملى العام المنتخب تحت إشراف وزارة الداخلية، والتبرعات تجمع بإيصالات مختومة، وأموال الكنيسة كلها تصرف على الكنيسة وعلى فقراء المسيحيين ومبانى الكنيسة، وإذا اختلس أحد أموال الكنيسة نستبعده على الأقل إذا لم نبلغ عنه النيابة، وأحدهم زوّر إيصالات فى إحدى الإبراشيات التى أشرف عليها وبلغت عنه النيابة، وحكم عليه بالسجن، والكاهن لو أخطأ أو أساء استخدام أموال الكنيسة تتم محاكمته كنسيا وقد يصل الحكم للشلح، وهذا حصل من قبل، لكننا لا نعلن سبب الحكم حتى لا نُشهّر بأحد.
وكل أسقف عنده مجلس إكليريكى فرعى، أى محكمة كنسية فرعية، وحسابات البنوك تفتح بخطاب من قداسة البابا أو من مطران أو أسقف الإبراشية، وهناك نظام محاسبى صارم، ومن يطالبون بالرقابة مجرد أبواق ناعقة تريد مضايقة الكنيسة بأى صورة، ومن يقل هذا الكلام ليس مخلصاً للمسيحية.
■ البعض يطرح فكرة أن يكون هناك مجلس لإدارة الكنيسة وليس البابا فقط، فما رأيك؟
- من قال إن البابا يدير الكنيسة وحده؟ الكنيسة قائمة على مؤسسات تعمل تحت رئاسة قداسته، حيث يوجد المجمع المقدس ويمثل السلطة العليا فى الكنيسة ويرأسه قداسة البابا وأعضاؤه يقتربون من المائة، وهو يمثل برلمان الكنيسة لأنه السلطة التشريعية بها، ويصدر القرارات الخاصة بالعقيدة والطقوس الدينية والخاصة بالأديرة والرهبان والخدمة والرعاية وشؤون الإبراشيات وتنظيمها وشؤون الكهنة، ويوجد أيضا المجلس الملى العام الذى يدير أملاك البطريركية وأوقافها، إلى جانب المجلس الإكليريكى لشؤون الكهنة وأنا نائب البابا فى رئاسته، وبه أعضاء من بينهم نيافة الأنبا آرميا، سكرتير قداسة البابا، وبعض الآباء القمامصة، ووكيل البطريركية، وفيه أستاذ للقانون الكنسى، كما يوجد لدينا المجلس الإكليريكى العام للأحوال الشخصية.
■ تعددت فى الفترة الأخيرة الرحلات العلاجية للبابا شنودة الثالث مما فتح الباب أمام البعض لطرح فكرة خلافته، ما تعليقك؟
- البابا صحته «كويسة» جداً ويمارس نشاطه بانتظام، والرحلة الأخيرة لأمريكا لم تكن للعلاج، وإنما كانت سفراً رعوياً يقوم به قداسة البابا كل سنة لعمل «سمينار» للآباء الكهنة بأمريكا الشمالية لمدة ثلاثة أيام متصلة يعطيهم خلالها محاضرات، وأثناء الزيارة توجه إلى «كليفلاند» لإجراء كشف روتينى.
■ لكن هناك من طرحوا بعض الأسماء التى تصلح - من وجهة نظرهم - لتولى البطريركية، ومن بينها اسم نيافتك؟
- هذا كلام «ما يصحش يتقال» من الأساس، البابا صحته جيدة جداً، ونتمنى أن يطوّل ربنا فى عمره، و«محدش ضامن عمره»، والأسماء التى يتم طرحها يمكن أن يرحل أصحابها ويعيش قداسة البابا أكثر منهم، ونحن نصلى حتى يسلم مفاتيح الكنيسة للمسيح فى آخر الزمان.