يستقطب مهرجان إيلات العالمي للرقص الشعبي ما لا يقل عن 800 فتاة وسيدة لقضاء تجربة فريدة من نوعها في غياهب الرقص الشرقي مع خيرة الراقصين والراقصات من كل إنحاء العالم. وعلى الرغم من الأجواء السياسية المتوترة فإن التناغم يطغى على المشاركات فيه حتى من دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مثل المغرب. ويجمع الرقص بين النساء من جميع الطوائف، المتدينات والعلمانيات واليهوديات والعربيات، ممن تتراوح أعمارهن بين18-75. فهناك دوافع قوية تشدهن إلى هذه الهواية.
المزج بين المهنة والهواية
تقول ياعيل مُؤاف، مؤسسة أكبر مدرسة رقص في القدس، في حديث مع دويتشه فيله "عندما أقمت المدرسة وتركت مهنتي المرموقة والمربحة، نظر إلي المجتمع نظرة غريبة، لكنني بعد ممارسة الرقص عشر سنوات، لمست فيه الكثير من الجاذبية." واجتذبت مدرستها آلاف السيدات لتعلم الرقص منذ تأسيسها قبل أربعة عشر عاما. وعندما تحدثت ياعيل عن دوافعها لخوض هذا الميدان قالت: "لحقت بركب خالتي، الدكتورة راحيل ميلشتاين، ذات الجذور الغربية، ورئيسة قسم الدراسات الإسلامية في الجامعة العبرية. وخالتي تعرَف نفسها بأنها راقصة ومحاضرة في الجامعة، دون الشعور بأي حرج. واليوم ينظر المجتمع لهذا الفن بإعجاب وتقدير كبيرين، بعد انتشاره على نطاق واسع في البيوت ونوادي الرياضة وعيادات المرضى."
Bildunterschrift:
أعط الخبز لخبازه
تعلمت السيدة مُؤاف كغيرها ممن احترفن الرقص في السبعينات والثمانينات في فرنسا وأمريكا لدى عرب مثل ليلى حداد وابراهيم فرح. وطورت مُؤاف هذا الفن بما يحاكي الذوق الإسرائيلي، فانتهجت تجزئة الخطوات والحركات، لتتبلور إلى حركات أكثر شمولية. كما استخدمت في البداية موسيقى عالمية، وانتقلت تدريجيا إلى الموسيقى الكلاسيكية لفريد الأطرش وأم كلثوم لتستسيغها الأذن.
الرقص بالوراثة
وإذا كان الموسيقيون الشرقيون من الدول العربية قد منعوا أولادهم من امتهان الموسيقى بعد إحباطهم الشديد، فمن المفارقة أن الجيل الثاني من الإسرائيليات يسعى إلى التناغم مع الرقص الشرقي وحتى "نقل العدوى" إلى الأمهات كما تقول مُؤاف، التي ضمت أمها إلى حلقة رقص للمسنات. أما ياعيل يونا التي درست عند يؤاف، فقد جذبت ابنتها لتعلم الرقص بعد أن خاضت بنفسها التجربة في تدريب الكثير من النساء. وتقوم الاثنتان أحيانا بعرض مشترك، على غرار البرنامج الذي عرضته قناة التلفزيون الثانية مؤخرا وفيه لقطات من مسابقة للرقص بمشاركة عربيات ويهوديات في قاعة سوزان دلال في تل –أبيب.
Bildunterschrift:
معالجة المشاكل الزوجية بالرقص الشرقي
تقول حنا (65) التي تتعلم الرقص في نادي رياضي إنها اقتنعت بأن هناك علاقة وثيقة بين الجسد والروح " نشأت في جو من التربية المتزمتة، تحرًم التعبير عن المشاعر وتفرض قيودا على التصرف، فوجدت أن انطلاق الجسد يساعد على انطلاق الروح الحبيسة." وتضيف حنا وهي سيدة متدينة لها 8 أطفال: " إنني مشغولة في تربية أطفالي ويسنح لي درس الرقص الانهماك بنفسي وأنوثتي. وينصح رجال دين النساء اللواتي تواجهن مشاكل زوجية بتعلم الرقص الشرقي."
الرقص الشرقي يخفض الوزن
طورت كلارا فريدمان الطبيبة في صندوق المرضى كوبات حوليم ورشات خاصة لمعالجة السمنة لدى النساء عن طريق الرقص الشرقي، وفقا لما نشر في مجلة الصندوق: " يعتمد الرقص على تغيير الحركات بسرعة وبمشاركة عضلات عديدة دون الضغط على المفاصل، كما أن الهز ينشط الدورة الدموية ويساعد على إيصال الدم إلى الشحم، مما يؤدي إلى تخفيض الوزن."
وشاعت هذه الورش لمعالجة مشاكل العظام في أعقاب حوادث طرق وفي فترة النقاهة من أمراض السرطان. وتشير الدراسة التي أعدتها فريدمان إلى أن الرقص يساهم في تحسين الصحة العامة وإدخال البهجة وطرد الكآبة. وتضيف يونا أن لديها نساء يمارسن الرقص لمعالجة آلام الظهر وأخريات يفضلن الرقص على صرف مبالغ كبيرة على العلاج النفسي."
Bildunterschrift: مهرجان إيلات للرقص ملتقى الراقصات من شتى البلدان
الرقص جسر للتعارف والتفاهم
تأثرت أغلب المقبلات على تعلم الرقص بالأفلام المصرية التي تعرض على الشاشة الصغيرة، ومهد تعلم الرقص السبيل إلى تقبل الموسيقى العربية واستساغتها بعد أن كانت "ماركة لموسيقى العدو". وتقول مؤاف " اتجهت إلى تعلم اللغة العربية الدارجة، إضافة إلى القراءة والكتابة كخطوة طبيعية للتعرف على الثقافة العربية والتعمق فيها." وخلاصة القول ، هذا الفولكلور مثل الحمص والفول، يوسع قاعدة التعايش الشعبي في الشرق الأوسط الذي تغشى سماءه الغيوم السياسية.
ليندا منوحين عبد العزيز ـ تل أبيب
مراجعة: منى صالح