حذر خبراء اقتصاديون من لجوء الحكومة المصرية إلى الاحتياطي النقدي من أجل الصرف والإنفاق للخروج من الأزمة الاقتصادية. وأكدوا أن مثل هذه الخطوة ستهز الثقة بالاقتصاد المصري، مشيرين إلى أن اللجوء للقروض الخارجية والمساعدات وإستغلال فرص الاستثمار في ليبيا أفضل الطرق لحل الأزمة الاقتصادية.
وكان وزير المالية حازم الببلاوي قد أعلن مؤخرا عن طلب مصر مساعدات من الإمارات والسعودية تقدر بـ 5 مليارات دولار.
وبلغ إجمالي الاحتياطي النقدي المصري 25 مليار دولار بانخفاض 11 مليار دولار، منذ بدء الثورة بحسب تصريحات سابقة لنائب رئيس البنك المركزي هشام رامز الذي أكد أن انخفاض الاحتياطي النقدي لا يشكل خطرًا على مصر.
وقال إن معايير الأمان النقدي تتطلب أن يغطي الاحتياطي استيراد الدولة لمدة من 3 إلى 6 أشهر، والاحتياطي الموجود الآن يغطي استيراد مصر من السلع الغذائية لمدة ستة أشهر.
وأوضح أن الاحتياطي توفره الدولة لمواجهة الظروف الصعبة التي قد تمر بها البلاد، ولا يوجد أصعب من هذه الظروف، مشيرًا إلى أن التوقعات كانت تشير إلى انخفاض الاحتياطي لأكثر من ذلك.
وأشار رامز إلى عدم قيام البنك المركزي باستخدام الاحتياطي النقدي الأجنبي لدعم سعر الصرف إلا مرةً واحدةً عندما شعرنا بوجود مضاربات على العملة، ونقوم باستخدام الاحتياطي في استيراد السلع؛ لأننا نواجه قلةً في مواردنا المالية بسبب تراجع إيرادات السياحة بصورة خاصة.
عنصر الأمان للدولة
وقال الخبير المالي صفوت بالي، في تصريحات لـ"العربية.نت"، إنه لا بد أن تستعين الدولة بالقروض والمساعدات الخارجية، لكن بشروط ميسرة وفوائد أقل، وأي تخفيض في الاحتياطي يمثل خطرا لأنه عنصر الأمان للدولة".
وأكد بالي على ضرورة وضع حلول جذرية للديون المحلية المصرية، لأنها بلغت 5 تريليونات جنيه، ولا تزال مصر تسدد فوائدها فقط، فلا بد من دراسة هذه الديون وإيجاد طرق مبتكرة لتسديدها لأنها تتسبب في تآكل السيولة.
وأضاف "أنه إذا كان من الضروري السحب من هذا الاحتياطي فلا بد من توافر عنصر الأمان بالنسبة لهذا الاحتياطي لمدة 6 أشهر على الأقل".
وحذر بالي من "اللجوء إلى الاحتياطي النقدي لأنه سيؤثر على الثقة بالاقتصاد المصري ومن شأنه تخفيض المراكز المالية وسوف تباع الاستثمارات في البورصة".
ورغم هذه التحذيرات والمؤشرات على وجود أزمة اقتصادية في مصر، فإن بالي رأى بوادر حل لهذه الأزمة تتمثل في ارتفاع الصادرات في بعض القطاعات وبداية تحرك في القطاع السياحي.
وشدد بالي على ضرورة اتجاه مصر إلى ليبيا واستغلال الفرصة المتاحة الآن لضخ استثمارات مصرية هناك خاصة في قطاع المقاولات، وهذا يتطلب أن تكون الحكومة المصرية على اتصال يومي بالمجلس الانتقالي الليبي.
غياب السياسة الإنتاجية
واعتبر الخبير الاقتصادي بمعهد التخطيط القومي سيد مصطفى، في تصريحات لـ"العربية.نت"، أنه من حيث المبدأ لا مانع من لجوء الحكومة المصرية لهذا الاحتياطي، فهو يمثل لها قوة اقتصادية لتغطية احتياجاتها المالية خلال الأزمات".
واستدرك "لكن لو أخذت من هذا الاحتياطي لتمويل سلع إستهلاكية أو مرتبات وأجور لتلبية مطالب بعض الفئات بعد أن عجزت ميزانية الدولة عن توفيرها، فإن هذا يشكل خطرا قد يؤدي إلى إنكشاف إقتصادي، أي تعرض الاحتياطي النقدي للتآكل".
وأرجع مصطفى الأزمة الاقتصادية لمصر إلى سوء الإدارة، ففي قضية الأجور والمطالب الفئوية لا تستطيع الدولة الوفاء بكل متطالبات هذه الفئات، وكان على الدولة أن تصارحها بأن اقتصاد البلاد ريعي قائم على السياحة ومدخلات أخرى وليس اقتصادا إنتاجيا، وأنه بمجرد انتهاج سياسة اقتصادية إنتاجية والخروج من هذه المرحلة، ستتم تلبية جميع هذه المطالب.
وأضاف أن الأزمة متوارثة وليست وليدة الثورة، وتستطيع الحكومة لو أرادت أن تتخطى هذه الأزمة بإدارة رشيدة وبسرعة، فتلجأ إلى الاقتراض تارة بشروط ميسرة وعلى مدد قصيرة، وقد تلجأ للاحتياطي النقدي أيضا بهدف بناء مشروعات إنتاجية.
وأكد رئيس البنك الوطني السابق أحمد قورة أن "وظيفة الاحتياطي النقدي هي مواجهة نقص موارد الدولة من العملات الأجنبية لتلبية الاستيراد والإنفاق على بعض أوجه النشاط الذي توقف وتعتمد عليه الدولة في تلبية احتياجات مواطنيها، مثل السياحة في مصر أو انخفاض الصادرات". وشدد على أنه "لا بد من اللجوء لهذا الحل ضمن حدود آمنة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة