- أكبر مخاوف النظام المصري تتمثل في إمكانية ربط المطالب السياسية بمطالب العمال الاقتصادية.
- الوضع في مصر مليء بالمؤشرات على احتمال اندلاع ثورة ..والشباب الغاضب هو من سيقود الأمور
ترجمة – شيماء محمد :
وصفت صحيفة الجارديان البريطانية الوضع في مصر بأنه مليء بالمؤشرات على احتمال اندلاع ثورة مثيلة لثورة تونس.
وقالت الصحيفة في تقرير أعده مراسلها جاك شينكير إن المواطنين بالقاهرة، كما في جميع أنحاء البلاد، تتجه عيونهم نحو الدراما التي تحدث في تونس, ويسألون بشكل متزايد : هل يمكن لهذا أن يحدث هنا ، وإذا كان ممكنا، فمتى؟
ويتناقل المصريون بصورة سريعة أخبار الانتحار حرقاً, ووصلت إحدى هذه الأخبار إلى وليد شماد عندما كان جالسا على مقهى البورصة.. الحادثة هذه المرة كانت لرجل عاطل عن العمل أقدم على إشعال النار في نفسه في وسط شارع مزدحم.
وطبقا لما أوردته نشرات التليفزيون، كان هذا الرجل (35 عاما) قد انتقل إلى العاصمة على أمل العثور على عمل وتوفير ما يكفيه لشراء منزل ويتزوج، ولكن عدم تمكنه من العثور على فرص العمل دفعت به إلى اليأس.
وعلق وليد على الأمر قائلاً “يمكن أن يكون هذا وصفاً لأي واحد منا ” وأضاف ”هذه الحرائق البشرية تأتي بسرعة جداً، فإنه من الصعب الحفاظ على المسار الصحيح.”
وليد وأصدقائه الذين تجمعوا لتناول الشاي في وقت متأخر ولإجراء محادثات من خلال القيل والقال حول ما يجرى من أحداث تحدثوا خصوصاً عن خطب الجمعة المكرسة لتأكيد رفض الإسلام للانتحار، وفرض القيود الحكومية الجديدة على شراء البنزين المعبأ في زجاجات.
وقال وليد مبتسماً وهو يشير إلى الرئيس المخلوع بن على الذي فر من البلاد بعد حكم 23 عاما والتي عرضتها قناة الجزيرة, “نحن لا نستطيع أن نصدق أعيننا” ” أنا فخور جدا بالشعب التونسي فعندما ترى صديقاً لك أو أخ ينجح في جزء من كفاحه العظيم فإن هذا يعطيك الأمل , الأمل في نفسك, والأمل لبلدك “.
فقد عاش وليد (27 عاما) حياته كلها في ظل حكم الرئيس مبارك , الذي هو حليف رئيسي للغرب والذي أحكم قبضته على واحدة من أكثر الدول المحورية في العالم العربي لمدة 3 عقود, والذي هو الآن أيضا يبدو مهزوزا بعد الأحداث في تونس.
وليد الخريج الجامعي, الذي حصل على عمل غير منتظم غير رسمي ولا يزال يعيش في المنزل مع والديه, هو جزء من التضخم الديموجرافى الذي يتمثل في 90% من العاطلين عن العمل في البلاد والذين يغلون من الإحباط.
وقال وليد معلقا على وضعه “عدم وجود عمل منتظم يؤثر على كل جانب من جوانب حياتك عمليا ونفسيا، فأنا أعرف أن العديد من هم في مثل عمري لا يزالون غير متزوجين الجميع ويعتمدون على أسرهم – وهذا يجعلك تشعر باليأس ”
ووفقا لبعض المحللين فإنه من الممكن لمصر أن تتجه نحو انتفاضتها الخاصة – والعواقب غير معروفة لبقية بلاد الشرق الأوسط –.
وقال التقرير الصادر عن الأمم المتحدة للتنمية البشرية في مصر العام الماضي أن العديد من الشباب المصريين محاصرين في ” الانتظار” لفترة طويلة ” في الانتظار لمجرد أن تبدأ حياتهم”.
الغريب أن وليد أكد أنه لن يشارك في يوم الغضب, وقال ”إننا لا نريد أن نجلس هنا بسلبية ونتقبل الوضع لكن غريزة جيلنا هي تجنب الدولة، وليست مواجهتها، وأنا أعلم أن هناك مظاهرات كبيرة مقررة ليوم الثلاثاء القادم، ولكن نحن تعلمنا من التاريخ الخوف من الشرطة، فهم يعرفون كيف يؤذوك، ويؤذوا من تحب. ”
مظاهرات يوم الثلاثاء سوف تتخذ شكل مجموعة وطنية من الاحتجاجات المناهضة لمبارك، أطلق عليها اسم “عيد الثورة” من قبل نشطاء المعارضة الذين يأملون في أن انتفاضة تونس سوف تشجع عدد كبير من الأفراد مثل شاماد وإقناعهم بأن هذا هو الوقت المناسب لجعل صوتهم يسمع.
وقال أحمد الغيطى (23 عاما) وهو طبيب وأحد المنظمين الإقليميين ليوم الثورة ” في كل حي في هذه البلد هناك نقطة ضغط على الحكومة التي تخاف منها والتي سوف تظهر على السطح يوم الثلاثاء”.
ويعتمد منظمو الاحتجاجات على صفحات الفيس بوك, حيث انتشرت الدعوات للمشاركة في الحدث, وكتب في إحدى الدعوات أن رحيل زين العابدين بن علي قد يكون مقدمة لسقوط مبارك, وقالت إحدى التعليقات ” تونس نجحت في أن تفعلها ، لماذا لا نستطيع نحن ؟ وأضاف الغيطى ” يوم 25 يناير أما إننا نبدأ نعيش أو نبدأ نموت .”
وعلى الرغم من الدعم الكبير من الشباب لاحتجاجات يوم الثلاثاء لكن تبدو النتيجة غير مرجحة.
يقول عمرو حمزاوي، مدير الأبحاث في مركز كارنيجي لشؤون الشرق الأوسط في بيروت انه “على المستوى غير الرسمي -البلوجات ووسائل الإعلام الاجتماعية – كان هناك انفجاراً في النشاط السياسي”, ومع ذلك فقد فشلت هذه الديناميكية إلى حد كبير في الوصول إلى الشارع، حيث جهاز أمن مبارك في كل مكان ولا يزال يحافظ على سيطرة شبه كاملة.
وأضاف حمزاوي” القطاع الوحيد من المجتمع الذي نجح في احتلال المناطق التي تسيطر عليها الدولة هو القوة العاملة في مصر، التي واجهت النظام بمجموعة من المظالم الاقتصادية ونجحت في انتزاع تنازلات.
وقالت الناشطة السياسية المعروفة جميلة إسماعيل “هنا تكمن أكثر مخاوف النظام “، وأوضحت ” أنهم لا يريدون ربط المطالب السياسية للشباب، والناشطين على الانترنت مع مطالب العاملين الذين يسعون لتحسين مستوى معيشتهم، وإذا الشباب في القاهرة والإسكندرية تواصلوا مع المحلة، ستعرف الحكومة أنها في مأزق “.
هناك على بعد ستين ميلا شمال العاصمة، شكلت بلدة النسيج المحلة الكبرى رأس حربة لموجة غير مسبوقة من الإضرابات والاعتصامات التي اجتاحت مصر خلال السنوات الخمس الماضية.
ومن ساحة المحلة الرئيسية ، فإن الصورة مختلفة. فقد كان يوم الجمعة الماضي مجموعة من الشباب من مختلف أنحاء الدلتا يقومون بإعداد سلسلة من الأعلام التونسية ومعلق في كل منها قطب خشبي قصير, ورسم آخرون لافتات تعرب عن تضامنهم مع تونس وتدين الفساد الحكومي، وتعذيب الشرطة والفقر.
وعندما خرج حوالي 50 منهم إلى الشوارع في وقت متأخر بعد الظهر، يوزعون منشورات الدعاية لاحتجاجات يوم الثلاثاء، قوبلوا بارتباك من قبل الناس ولكن عموما باستجابة إيجابية.
وقال أحد الشباب ( 26عاما) يسوق موتوسيكل “لم أكن مشاركا في أي شيء مثل هذا من قبل، على الرغم من تعرض صديق أخي للهجوم من قبل الشرطة في إبريل 2008 “، وأضاف “الظروف المعيشية سيئة جدا الآن، وأعتقد أن تغيير أسماك القرش الكبيرة ربما يكون هو السبيل الوحيد الذي يمكننا به جعل الأمور أفضل. سأحاول أن أفعل “.
ولا يتفق الجميع في نجاح أو فشل هذا اليوم البعض يراه ناجحا جدا والآخر يرى إن احتمالات فشلة مرجحة أكثر
ومن المحلة إلى الإسكندرية, وعلى أحد المقاهي التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط، نفى حسام الوكيل بغضب الاتهامات التي توجه لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها والتي تقول إنها قامت بخيانة الحركة المناهضة لمبارك برفضها المشاركة في”يوم الثورة”.
وتساءل الوكيل، 23 عاما صحفي باستنكار”هل هؤلاء قادمين يوم الثلاثاء لإسقاط النظام؟ وبادر بالرد قائلا: لا أعتقد ذلك ..
وأضاف ” الإخوان المسلمون يؤمنون بأن التغيير يجب أن يأتي من أسفل، وأنه يجب علينا إعادة بناء المجتمع تدريجياً ، وليس ثورة مفاجئة وفرض قيادات جديدة من القمة”.
المكون الآخر الذي قد تندلع منه الثورة, هو الشباب سكان العشوائيات وذلك على الرغم من عدم اقتناعهم بإمكانية حدوث عملية للإصلاح السياسي، إلا أنه من المرجح أنه في حال اندلعت شرارة التفجير الأولى في الشوارع ، فإنهم سينضمون إليها بسرعة.
خلاصة القول, أنه على الرغم من كل هذه المخاوف إلا أنه في حال اندلعت شرارة الاحتجاجات فلا يوجد أدنى شك في أن الشباب الغاضب في البلاد سوف يقود الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة