وائل قنديل
صحيح أنها تحولت فى بعض أجزائها إلى ما يشبه الاحتفالية، وبدا أحيانا أن البعض تعامل معها باعتبارها مناسبة للظهور والإعلان عن الذات المشغولة طوال الوقت بالوجود فى مقدمة الطابور.. وصحيح أن آخرين لم يفوتوا الفرصة لممارسة رياضة الإقصاء والحذف والانفراد بصدارة المشهد، لكنها على كل حال كانت ليلة مطلوبة لمداواة الجرح وتهدئة الأعصاب.
غير أنه بعد انفضاض سامر الحزن يجب التوقف مليا أمام مفردات المشهد ومواجهة الأسئلة الصعبة التى فرضها الحدث الجلل.. ذلك أن البعض وجدها فرصة سانحة للمزايدة وتصفية الحسابات وأحيانا فرض «معطيات» مستحدثة وغير حقيقية من أجل تحقيق «مطاليب» غريبة وشاذة فى معظمها.
من ذلك تلك المطالبات الفكاهية بإلغاء مادة الدين فى المناهج الدراسية، وكأن الدين هو المحرض الأول على جريمة كنيسة سيدى بشر، أو كأنهم يريدون الخضوع لنظريات بائسة تريد أن تصنف الجريمة على أنها «دينية» أو «طائفية» بينما هى إرهابية بامتياز، قصد مدبروها ومنفذوها استغلال بعض مظاهر الاحتقان الطائفى فى تحويل مصر إلى ساحة للعنف الدينى.
ومن ذلك أيضا أن يزايد بعض الإعلاميين اللطفاء خفيفى الظل والعقل على غلاة الأقباط، بترديد مقولات من عينة أن المسلمين ضيوف على مصر، فى استعادة ساذجة لمناخ غير صحى على الإطلاق أوجدته كلمات للأنبا بيشوى والدكتور سليم العوا، وهو الموقف الذى انتهى باعتذار أو نصف اعتذار.
ومن ذلك كذلك تصور البعض أن مواساة الأخوة المسيحيين لا تتم إلا من خلال التهجم والتصافق والتساخف على المفكر الكبير الدكتور محمد سليم العوا، بل وذهاب بعض السادة المزايدين إلى أنه المسئول عن تفجير الكنيسة بالإسكندرية، دونما إشارة واحدة إلى الطرف الأول فى الذوبعة التى ثارت وخمدت وهو الأنبا بيشوى.
وطبيعى فى أجواء صناعية كهذه أن يختلط الجد بالهذل، والوقار بالمسخرة، كما ظهر على واحدة من الفضائيات الكوميدية، حين كان المذيع الأوحد الجهبذ ينهال على المشاهدين بدروسه وفتاويه ومواعظه وأيمانه المغلظة بأنه يعلم أن المسلمين ضيوف وافدون على مصر، بينما الشريط المثبت على الشاشة يعج بإعلانات عن فرص لن تتكرر لتكبير الأثداء والأرداف وتحسين الكفاءة الجنسية.. سلامتك يا مصر.
* نقلا عن "الشروق" المصرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة