ما أتعس حياة يجد فيها شعب نفسه مضطرا الى النزول دائما تحت حافة الصفر ثم يستجمع نفسه من جديد لكى يرتقى الى درجة الصفر و يبدأ ممارسه حياته من تحت أنقاض مؤامرة صاغتها ايدى مجرمة و عقول باردة تقتل الحياه و تنشر الفوضى !. هذه الأيام نحن فى موجه جديده من موجات الصعود بإرادة شعبيه هائلة الى صفر أخر. فبعد حادث الإسكندرية هبت مصر لتأكيد معالم و أواصر الوحدة الوطنيه و أنه لا فرق بين مسلم و مسيحى و سمعنا عشرات الحكايات فى الصحف عن الجار المسلم الذى يعيش فى سلام الى جوار جاره المسيحى منذ عشرات السنين دون أزمة و قيل الكثير عن ترابط النسيج الوطنى و بالطبع تم تأليف أغنيات عاجله عن اننا ” شعب واحد” و بدا الجمع الاعلامى سعيدا و مسرورا لأنه قام بالتأكيد على ما هو مؤكد و كشف ما هو مكشوف و مداواة جرح ليس موجودا من الاساس بين مسلمى مصر و مسيحييها. و فى غمرة هذا كان طبيعيا أن نعتبر جميعا أن ” تهدئة الأجواء ” إنجاز هام و أن التلاحم الاعلامى قد حقق المراد و لعله كان مطلوبا ايضا ان نعتبر أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركه ضد ” الإرهاب” الذى أصبح كائنا خرافيا هائلا مهولا لا أحد يعرف له صاحبا و لا أين حدوده و لا من هم رجاله .أشباح؟ نعم مصر الأن تفخر بشده من تصديها لشبح و مقاومتها لعدو بلا ملامح . أفهم أن تنتاب الجميع حالة رضا شديد بعد أن تكون الدولة قد كشفت عن الجانى فى هذه المذبحه الابشع و بدقة… من الذى فعل هذا و كيف و ما هى ضمانات يقظه الدولة تجاه أفعال إجراميه مماثله .. أفهم مثلا أن تؤكد الدولة أن هناك رد فعل عنيف يمكنه استخدام كل الوسائل لعدم المساس بسيادة البلد و عدم اثارة فتنه طائفية لا توجد ( خارج بعض وسائل الاعلام و بعض الكتب التافهه) أى مبررات حقيقيه لها بين المسلمين و المسيحيين. لكن أن تذهب أرواح طاهره الى ربها فى لحظه صلاة وسط بحور من الدماء و يكون التركيز كله على مشكله من الاصل ليست موجوده فهذا هو الغريب و المريب. الواقع و التاريخ يقول لنا ان مصر بمسلميها و مسيحييها قد اصبحا جسدا واحدا منذ قرون و فى اللحظه الراهنه فإن المشكلة ليست –بالطبع – بين مسلم و مسيحى المشكلة فى أننا بمثل هذه المؤامرات الغامضة نعود الى ما دون الصفر . فلا يمكن فى مثل هذه الأجواء ان تستمر أى موجات للأصلاح و التغيير السياسى بلا إنقطاع و بتراكم ينتج شيئا عظيما . المشكله أن مثل هذه الأجواء تخلق عداءا لكائن بلا ملامح اسمه ” الإرهاب” بينما اسرائيل تبلغ أقصى درجات القوه و النفوذ و التحكم فى مقدرات العرب و مستقبلهم . المشكلة أن تنحط أمال المصريين لدرجه أن نضطر لتأكيد حقيقة معاشه من مئات السنين أصبح فيها المسلم و المسيحى كيانا واحدا تهوى عليه ضربات الإستبداد و الفساد من كل ناحيه وبدلا من أن يلتفت لمواجهته يجد نفسه غارقا فى شكوك و تساؤلات و فتن بلا حصر . فى النهاية لابد من أن أذكركم بأن الشاعر العظيم عبد الرحمن الابنودى عندما كتب ” احنا شعبين شعبين” لم يكن يقصد المسلمين و المسيحيين بل قصد أن مصر قد أصبحت مصرين الأولى هى بلد اثرياء الفساد و أنصار اسرائيل و خدم أمريكا من ناحيه و من ناحيه أخرى فهناك مصر الفقراء و الحالمين و الغاضبين من أنهيار مكانه هذا البلد العظيم و عندما تهوى مصر الأولى على الثانيه بكل هذه القسوه و الفجاجة فلابد أن نلتفت جميعا الى الأهم ” وهو التغيير ” دون غرق فى تأكيد وحدة و علاقة تأكدت بالفعل منذ مئات السنين و لا يوجد لا شبيه الا فى هذا البلد العظيم بمسيحييه و مسلمييه المنكوب بطغاته من عشاق اسرائيل !
مقال رائع بس صورة الكاتب مش واضحه ليه
ردحذفاسلوب قوى و متحضر و محترم وو عاقل فى زمن الغوغائية
ردحذف