محيط ـ عادل عبد الرحيم
مسلمون ومسيحيون في تظاهرة تضامنية
خيمت حالة من الحزن الشديد على الشارع المصري بجميع طوائفه في أعقاب الاعتداء الإجرامي على كنيسة القديسين بحي سيدي بشر بمحافظة الإسكندرية الساحلية، 200كم شمال العاصمة القاهرة، مع أولى ساعات السنة الميلادية الجديدة والذي راح ضحيته 22 مسيحيا وأصيب أكثر من 70 بينهم 8 مسلمين و4 رجال شرطة.
واتشحت ملابس النساء باللون السوداء فيما اختفت مظاهر البهجة التي كانت عادة ما تسبق أعياد الميلاد التي تحل في السابع من شهر يناير من كل عام، حيث انعدم الإقبال على شراء "هدوم العيد" التي تضفي الفرحة على نفوس الأقباط وخصوصا الأطفال.
ملامح الحزن تبدو على البابا شنودة
والشاهد أن هذه الحادثة المؤسفة جاءت لتضع ختاما أسودا لعام 2010 الذي كان حافلا بالذكريات السيئة للمسيحيين حيث استهل العام الجديد بحادث إطلاق النار على إحدى كنائس مدينة نجع حمادي، حوالي 650 كم جنوب العاصمة، والذي أودى بحياة 7 أقباط ولم يتم حسم هذا الملف حتى الآن سواء بثبوت التهمة على الموقوفين أو البحث عن جناة آخرين.
كما شهد العام الماضي حالة تذمر واسعة سرت بين الأقباط الذين انتفضوا لرفض مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي ينظم زواج وطلاق الأقباط وشملت عمليات الاحتجاج كافة فئات المسيحيين، إلا قليلا منهم، بدأت برجل الشارع العادي وانتهت برأس الكنيسة المصرية المتمثلة في البابا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقصية.
الأمن يحاصر مكان الانفجار
وكان وجه الاعتراض من جانب المسيحيين ليس رفضا لتعديلات القانون في حد ذاتها، حيث أنها كانت تضع حدا لعذابات عشرات الآلاف منهم، وإنما لاعتقادهم أنه يتنافى مع تعاليم الإنجيل المقدس واعتبارهم أنه بداية لتدخل الدولة والمشرع في أمور الكنيسة المحاطة بهالة كبرى من السرية في مصر.
وخلال العام المنصرم أيضا ارتفعت نبرة الاحتجاجات القبطية في مصر بعد إشهار عشرات الفتيات المسيحيات إسلامهن بعد زواجهن من شبان مسلمين بعدة محافظات مثل الشرقية والقليوبية والمنوفية وغيرها.
وجاءت وقائع اختفاء كاميليا زاخر شحاتة، زوجة كاهن دير مواس بمحافظة المنيا 350 كم جنوب العاصمة، لترفع حدة الاحتجاجات إلى أعلى درجاتها حيث رجح الأقباط في البداية اختطافها على يد مسلمين أو رجال الأمن.
احتجاجات واسعة من الأقباط
ورغم عودة كاميليا لم تنطفئ النار بل زادت اشتعالا حيث ترددت أنباء عن دخولها في الإسلام وهو ما أشار إليه ضمنيا زوجها الكاهن حين قال أنه يجري الآن غسل المغسول، مما يفهم منه إثناءها عن الإسلام، ثم بثت بعض المواقع المحسوبة على المسيحيين تسجيلا صوتيا مصورا، شكك البعض في صحته، تنفي خلاله دخولها الإسلام وتطالب المسلمين بالكف عن التدخل في شئون حياتها.
مما زاد الطين بلة حيث اشتد الاعتقاد بأن شيئا ما سيء يجري لكاميليا فخرجت تظاهرات حاشدة تطالب بخروجها على الرأي العام وتقدم عدد من النواب والمحامين بطلبات تسليمها أو حتى السماح للنائب العام بلقائها للتأكد من أنها تعيش حياته بشكل طبيعي، وهو الأمر الذي رفضته الكنيسة تماما كما فعلت من قبل مع وفاء قسطنطين.
من يشعل الفتنة.. سؤال لابد من الإجابة عليه
بعد هذا سرت روح جديدة من التذمر حول بناء دور العبادة للأقباط والتي يعتبرها المسلمون قبل المسيحيين تحتاج إلى تنظيم منصف فعلا، حيث طلب الأقباط بناء كنيسة بمحافظة المنيا في منطقة رآها المحافظ غير مناسبة لبناء دار عبادة، الأمر ذاته تكرر في محافظة مرسى مطروح وعدة محافظات أخرى.
إلى أن اشتدت سخونة الأحداث على النحو الذي شهدته محافظة الجيزة قبل رحيل العام الشؤم بأسابيع والانتخابات التشريعية بأيام حيث وقعت مصادمات ربما هي الأعنف في ضراوتها بين المسيحيين ورجال الأمن على خلفية رفض السلطات السماح للأقباط بتحويل مجمع خدمات إلى كنيسة وانضمام 3 آلاف شاب مسيحي لبناء الكنيسة بسواعدهم وهو ما تصدت له أجهزة الأمن.
مشهد التفجير أقرب إلى العراق
وحالت العناية الإلهية دون اندلاع فتنة طائفية خطيرة حيث وقف المسلمون إلى جانب إخوانهم المسيحيين لتهدئة الأوضاع وأكدت روايات شهود العيان قيام المسلمين بحمل جيرانهم المسيحيين المصابين على أكتافهم لعلاجهم ونظم قادة الرأي حملات توعية وتهدئة وتبرع بالدم وأكدوا للأقباط تضامنهم معهم في حقهم بناء الكنائس لكن وفقا للقانون والإجراءات التي وضعها القانون.
ولم يخل العام المنصرم أيضا من انفلات تصريحات غير مسئولة من بعض الرموز الدينية والتي كادت تشعل فتنة أكثر ضراوة على النحو الذي شهده السجال بين الأنباء بيشوي، سكرتير عام المجمع المقدس، حين طعن في صحة بعض آيات القرآن الكريم وقوله أن المسلمين دخلاء على مصر وأنهم سيخرجون منها في غضون عشرة أعوام.
د. سليم العوا والانبا بيشوي
وفي المقابل اتهم د. سليم العوا الكنائس باحتوائها على ترسانات أسلحة في إشارة إلى معلومات ترددت حول توقيف عدة شحنات سلاح خارجية وهي في طريقها للكنيسة، وقد تم وأد هذه الفتنة في مهدها قبل اشتعالها بعد خروج البابا شنودة على الرأي العام وشيخ الأزهر والتذكير بمشاعر المحبة والتقدير المتبادل بين المسلمين والمسيحيين.
وتبقى كلمة
بعد هذا السرد السريع الذي ربما أغفل كثيرا من الشواهد فإنه عار علينا إن لم نقلها، فلا بد من التسليم بأن هناك أصابع قذرة تحرك الأوضاع على النحو الذي رأيناه بهدف إقحام البلاد في أتون حرب لا يعلم مداها إلا الله وهنا يجب على كل طرف من قطبي الأمة مسلمين ومسيحيين الاضطلاع بمسئوليته والتفكير بعقل سليم فيمن يكيد لمصرنا كيدا ليفوز بالجائزة الكبرى.. طبعا فاهمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لادراج تعليق :-
اختر " الاسم/عنوان url " من امام خانة التعليق بأسم ثم اكتب اسمك ثم استمرار ثم التعليق وسيتم نشرة مباشرة